صلب عبد المطلب
فافترقا نصفين فانتقل نصف إلى عبد الله ونصف إلى أبي طالب كما قال تعالى في علي عليهالسلام : « النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ »
[١] وأيضا فإنه تعالى بعد رفعهم إلى الملإ الأعلى وتشريفهم
بمنزل قاب قوسين أو أدنى أنزلهم من تلك المرتبة الكبرى إلى معاشرة الخلق وهدايتهم
، قائلين إن نحن إلا بشر مثلهم ليكونوا وسائط بينه وبين الخلق ، يأخذون المعارف
عنه سبحانه بتقدسهم ، ويبلغون إلى الخلق ببشريتهم فهم بأجسادهم بين الخلق وأرواحهم
معلقة بالملأ الأعلى ، فإنزالهم إشارة إلى ذلك كما حققناه في الكتب وسيأتي له مزيد
تحقيق إنشاء الله.
ويحتمل أن يكون
مبنيا على أنه ليس المراد بالإيمان بالقرآن الإذعان به مجملا بل فهم مضامينه
والإذعان بجميعها ، ولا يتيسرون ذلك إلا بمعرفة الإمام فإنه الحافظ للقرآن لفظا
ومعنى وظهرا وبطنا ، والعامل به ، بل هو القرآن حقيقة إذ إطلاق القرآن على المصحف
مجاز ، إذ القرآن عبارة عن الألفاظ المخصوصة من حيث دلالتها على المعاني المعلومة
، أو عن المعاني من حيث دلالة تلك الألفاظ عليها أو عن المجموع ، فإطلاقه على
المصحف لتضمنه نقوشا تدل على ألفاظ دالة على تلك المعاني ، فإطلاقه على نفوسهم
المقدسة المنتقشة بألفاظ القرآن وجميع معانيها مع اتصافهم بجميع الصفات الحسنة
التي أمر بها فيه واجتنابهم عن جميع المناهي التي نهي عنها فيه ، كما ورد في وصف
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان خلقه القرآن ، أصوب وأقرب إلى الحقيقة ، ولذا قال أمير
المؤمنين صلوات الله عليه وفي مواطن شتى : أنا كلام الله الناطق فظهر سر تأويل ما
ظاهره القرآن فيه بهم عليهمالسلام في الأخبار الكثيرة.