على الهدى ويسلك
بكم طريق الاستقامة طوعا وكرها كما كنتم حين بعث نبيكم صلىاللهعليهوآله كذلك.
« لتبلبلن بلبلة » بلبلة الصدر وسواسه ، والبلابل هي الهموم والأحزان قال في
النهاية : البلابل الهموم والغموم والبلبلة أيضا اختلاط الألسنة وتفرق الآراء ، والظاهر
أنه إشارة إلى ما عرض لهم من تشتت الآراء والوساوس الشيطانية في قتال أهل القبلة ،
لا سيما طلحة والزبير وعائشة وغير ذلك من الأمور الحقة التي كان يصعب على الناس
قبولها ، وما وقع في صفين بينهم من الاختلاف بعد رفع المصاحف.
وقيل : أشار به
إلى ما يوقع بهم بنو أمية وغيرهم ، والخوارج وأمراء الجور من القتل والأذى ، وما
عرض لهم من الهموم والأحزان ، وبلبلة الصدر وسوسته ومنه حديث علي عليهالسلام : لتبلبلن ، إلخ.
« ولتغربلن غربلة » غربلت الدقيق وغيره بالغربال بالكسر أي نخلته حتى يتميز
الجيد من الرديء ، وغربلت اللحم قطعته ، وقيل : الغربلة القتل ، والمغربل المقتول
المنتفخ ، والأظهر هو المعنى الأول ، أي لتميزن بالفتن التي ترد عليكم حتى يتميز
خياركم من شراركم كما يميز الجيد من الرديء في الغربال ، وفيه إشارة إلى حكمة تلك
الفتن كما قال تعالى : « أَحَسِبَ النَّاسُ
أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ، وَلَقَدْ
فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا
وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ »
[١].
أو يكون كناية عن
اختلاطهم واضطرابهم بالفتن كما يختلط ما في الغربال بعضه ببعض ، فيكون تأكيدا
للفقرة السابقة والأول أظهر ، وقيل : أي تذهب خياركم وتبقى أراذلكم وشراركم وهو
باعث تسلط الظالمين كملوك بني أمية وبني العباس