المقابل للنسيان ،
لأن الذكر بهذا المعنى ثابت له تعالى سواء ذكره العبد أم لا ، أو المراد أذكرك من
حيث لا يطلع عليه أحد فإن العبد إذا ذكره تعالى بحيث لا يطلع عليه أحد كما قال تعالى
: « فَلا
تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ
» فأخبر سبحانه بأنه انفرد
بعلم بعض ما يجازي به عباده الصالحين.
أقول : لا ريب أن
المراد بالذكر المواضع الذكر بالجميل ، وبما يتضمن تعظيم المذكور لا مطلق الذكر « اذكرني في ملإك » قيل : إشارة إلى الذكر الجلي ويندرج فيه فعل الطاعات ظاهرا
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أيضا « أذكرك في ملإ خير من ملإ الآدميين » أي أظهر ذكرك إياي للملائكة والروحانيين ليثنوا عليك أو
أظهر ثواب ذكرك لهم أو أظهر فضلك وشرفك على الإطلاق وقال في النهاية : بصبص الكلب بذنبه إذا حركة ، وإنما يفعل ذلك من خوف أو طمع « وكن في ذلك حيا » أي كن حاضر القلب ولا تكن ساهيا غافلا فإن القلب الساهي
الغافل عن ذكره تعالى وعن إدراك الحق ميت والقلب العاقل الذاكر حي ، وقوله تعالى :
« أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ » [١] « وإِنَّكَ
لا تُسْمِعُ الْمَوْتى » [٢] إشارة إلى هذين القلبين.
الحديث
الرابع : حسن كالصحيح.
«
لا يكتب الملك إلا ما سمع » أي من الأذكار فإن الملك يكتب غير المسموعات من أفعال الجوارح أيضا والغرض
بيان عظمة ذكر القلب لبعده عن الرياء فإنه لا يطلع عليه الملك فكيف سيره ، ولا
ينافي ذلك ما مر في باب من يهم بالحسنة والسيئة أن الملك يعرف قصد الحسنة والسيئة
بريح نفس الإنسان ، لأنه يمكن أن يكون ذلك لتعلقه بالأفعال الظاهرة الصادرة من
الجوارح.