أمثلة كثيرة في العرف والشرع ولا حاجة إلى بيانها ، فاذا صار هذا العقد عقداً له من حين صدوره ، فلا محالة ينتقل ماله إلى الآخر من ذلك الحين ، ومن هنا قلنا إنّ الكشف بذاك المعنى مطابق للقاعدة فلا يحتاج وقوعه في الخارج إلى دليل.
ولكن قد يتخيل أنّ الكشف بهذا المعنى غير ممكن ، وذلك لاستلزامه كون المال الواحد في زمانٍ ملكاً لشخصين ، لفرض أنّ هذا المال باق في ملك مالكه الأصلي إلى زمان الاجازة حقيقة ، ومعه كيف يعقل أن يصير هذا المال ملكاً للطرف الآخر في هذا الزمان بعينه بعد الاجازة فيلزم اجتماع الملكيتين على مال واحد في زمان فارد وهو غير معقول ، لأنّه من اجتماع الضدّين على شيء واحد.
وغير خفي أنّ هذا خيال خاطئ جداً وغير مطابق للواقع يقيناً ، والوجه فيه ما ذكرناه غير مرّة من أنّ الأحكام الشرعية جميعاً امور اعتبارية ولا واقع موضوعي لها ما عدا اعتبار من بيده الاعتبار ، ولذا قلنا إنّه لا مضادة بينها في أنفسها ، والمضادة بينها إنّما هي من ناحية المبدأ أو المنتهى.
وعلى هذا الضوء فبما أنّ في المقام زمان الاعتبار مختلف ، فان زمان اعتبار بقاء هذا المال في ملك مالكه قبل الاجازة ، وزمان اعتبار كونه ملكاً للآخر بعدها ، وإن كان زمان المعتبر فيهما واحداً ، فلا يلزم محذور التضاد ، فان محذور التضاد إنّما يلزم فيما إذا كان زمان الاعتبار فيهما أيضاً واحداً ، وأمّا إذا كان متعدداً كما في المقام فلا يلزم ذلك ، ضرورة أنّه لا مانع من أن تقتضي المصلحة الملزمة بعد الاجازة لاعتبار كون هذا المال ملكاً له من حين العقد ، فانّ الاعتبار خفيف المؤونة ، فهو قابل لأن يتعلق بالأمر السابق ، كأن يعتبر المولى ملكية مال لشخص من زمان سابق ولا مانع فيه أبداً ، كما أنّه قابل للتعلق