والجواب عن ذلك : أنا قد بينا أن القضاء قد ينطلق على الإعلام والإخبار ، وهو المراد بهذه الآية. يبين ذلك أنه ذكر الفساد على وجه الاستقبال ، والقضاء على وجه الماضى ، ولو كان المراد له الخلق لما صح ذلك ، ولأن لفظ « القضاء ) إذا عدوى بـ « إلى » فظاهره الخبر ، ومتى أريد به الفعل عدى بغير ذلك ، أو لم يعدّ بحرف. فإذا صح ذلك دل الظاهر على أنه تعالى خبر بفسادهم الذى يكون ، ودل على [١] ذلك لضرب من المصلحة ، وهذا مما لا ننكره ، وإنما ندفع القول بأنه تعالى يقضى الفساد ؛ بمعنى الخلق والإيجاد ، والتقدير والتدبير ، لما فى ذلك من ارتفاع الحمد والذم وبطلان التكليف ، ولما فيه من وجوب الرضا بالفساد ، أو القول بأن فى قضائه ما لا يجب الرضا به ، وقد شرحنا ذلك من قبل [٢].
٤١٦ ـ مسألة : قالوا ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه تعالى يريد من العباد القتل والظلم ويبعثهم عليه ، فقال : ( فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ ) [٥].
والجواب عن ذلك : أن ظاهره إنما يدل على أنه يبعث عليهم من هذا حاله ،