أنّ الاعتقاد بشيء هل هو عين اليقين به واليقين به عين الاعتقاد به ـ بمعنى كونهما عبارة عن معنى واحد وهو التّصديق القلبي فيكون كفر المتيقّن بالعقائد حينئذ بالجحود الظّاهري أو عدم الالتزام الظّاهري ؛ حيث إنّ الإسلام ليس مجرّد الاعتقاد بحسب الباطن بل هو مع الإقرار والالتزام بالمعتقد بحسب الظّاهر فيكون وجوب الاعتقاد حينئذ بمعنى وجوب تحصيله ؛ حيث إنّ نفس اليقين ليس اختياريّا إلّا بالاعتبار المذكور فتدبّر ـ أو غيره ـ وكونه فعلا إختياريّا من أفعال القلب بحيث يكون للمكلّف إيجاده في صورة اليقين بشيء وعدم إيجاده ـ وعلى تقدير كونه غيره ، هل يمكن وجوده في غير موضع اليقين وفي صورة الشّك ، أو يختصّ موضوعه بصورة اليقين؟
فلا بدّ من البحث في موضعين :
أحدهما : في تغاير اليقين والاعتقاد.
ثانيهما : في اختصاص موضوع الاعتقاد باليقين على تقدير التّغاير.
أمّا الكلام في الموضع الأوّل : فالّذي عليه أكثر المتكلّمين ـ على ما حكي ـ : أنّ الاعتقاد ليس مجرّد اليقين ، بل هو أمر قلبيّ إختياري يعرض بعد اليقين في مقابل الاستنكاف والجحود القلبي ، ويدلّ عليه : الوجدان السّليم مضافا إلى دلالة جملة من الآيات والأخبار عليه ، مثل الآيات الواردة في مذمّة جحود من استيقنت أنفسهم واستيقنوا بالوحدانيّة مع جحودها [١] ، والكفر الجحود [ ي ] أمر معروف لا ينبغي إنكاره لأحد ، وهذا هو الّذي اختاره شيخنا في الجزء الأوّل
[١] إشارة إلى الآية الشريفة رقم ١٤ في سورة النمل : وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا .