وروى الثقة في (
الكافي ) عن حمزة بن الطيار ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، في حديث قال فيه : « لا
يسعكم فيما ينزل بكم ممّا لا تعلمون إلّا الكفّ عنه والتثبّت والردّ إلى أئمّة
الهدى ، حتى يحملوكم فيه على القصد ، ويجلوا عنكم فيه العمى ، ويعرّفوكم فيه الحقّ » [٢].
وروى أيضاً عن
هشام بن سالم ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما حقّ الله على خلقه؟ قال : « أنْ
يقولوا ما يعلمون ، ويكفّوا عمّا لا يعلمون ، فإذا فعلوا ذلك فقد أدّوا إلى الله
حقّه » [٣] إلى غير ذلك من الآيات والأخبار الكثيرة.
ومنهم مَنْ قال
: لا يكون ذلك إلّا لمَنْ عرف نحواً من خمسة عشر علماً.
واعترض عليهم
الأردبيلي على ما نُقل عنه بأنّ ظاهر الأخبار كفايةُ مجرّد الرواية ، وأنّ فهمها
كافٍ.
وأقول
: الظاهر أنّ
بين القولين إفراطاً وتفريطاً ؛ أمّا الأوّل فظاهرٌ ، وأمّا الثاني فإنّهم عليهمالسلام عقبوا الرواية بالنظر ، والمراد بالنظر هو الاستدلال ؛
لأنّه عندهم ترتيب أُمور معلومة للتأدّي إلى مجهول ، وقد تقدّمت الأخبار الدالّة
على اشتراط الدراية وعدم كفاية مجرّد الرواية.
وفصّل ملتقط (
الدّرر النجفية ) [٤] بين زمانهم عليهمالسلام وبين زماننا ، ففي الأوّل اكتفى بمجرّد السماع مشافهة
أو بواسطةٍ كما كان عليه عمل أصحابهم في زمانهم ، وفي الثاني لا بدّ من معرفة ما
يتوقّف عليه فهم الكتاب والسنّة من العلوم المقررة والضوابط المعتبرة ، سيّما في
الجمع بين مختلف الأخبار ، واختاره بعض لسلامته من الإفراط والتفريط عنده.
وأقول
: لا بأس لمَنْ
بلغ درجة الانتهاء في معرفة الأحكام بأدلّتها وثبت له التصرّف