وبذلك يعلم انّ المرجح في التعارض يجب
أن يكون شيئاً يؤمِّن تلك الغاية أي تمييز الحجّة عن اللا حجة ، وهو عبارة عن
موافقة الكتاب ومخالفته ، ومخالفة العامّة وموافقتها ، فمخالف الكتاب وموافق
العامة ليس بحجّة ، كما أنّ المرجِّحات في باب التزاحم يجب أن تكون على وضع تُميّز
بها الحجّة الفعلية عن الحجّة الشأنية من دون أن يكذّب أحد الدليلين الآخر ، وإليك
بيان تلك المرجّحات وهي خمسة ، وروح الجميع واحد وهو تقديم الأهم المطلق أو
النسبيّ على المهمّ.
١. تقديم مالا بدل له على ما
له بدل
إذا كان واجبان لأحدهما بدل شرعاً دون
الآخر ، كالصلاة عند ضيق الوقت وهو جنب ، والصلاة مع الطهارة المائية ، فلو صلّى
مع الطهارة المائية لخرج الوقت بخلاف ما إذا صلّى بالطهارة الترابية ، فتُقدم
الصلاة بالطهارة الترابية على الصلاة بالطهارة المائية ، وذلك لأنّ الصلاة
بالطهارة المائية تستلزم خروج الوقت وليس للوقت بدل ، بخلاف الصلاة بالطهارة
المائية فلو تركها فانّ له بدلاً وهو التيمّم على الصعيد.
مثال آخر : لو كان عليه دين معجّل مطلوب
وكفّارة رمضان ، فلو صرف ما حصّله من الثمن في أداء الدين لايتمكن من إطعام ستين
مسكيناً وهكذا العكس ، ولكن يُقدَّم الأوّل لأنّ أداء الدين ليس له بدل ، فلو تركه
فيُترك بتاتاً ، بخلاف إطعام ستين مسكيناً فلو تركه ينتقل إلى بدله وهو الصوم ستين
يوماً.
٢. تقديم المضيّق على الموسع
إذا كان هناك تزاحم بين المضيّق الذي
لايرضى المولى بتأخيره كإزالة