أمّا الأُولى : هو عبارة عن إنشاء الحكم
على العنوان إذا لم يكن هناك مصداق له ، كإنشاء وجوب الحج على المستطيع مع عدم
مصداق له.
وأمّا الثانية : فهي عبارة عن تحقّق
الموضوع ، أي وجود المستطيع مع عامة شرائطه. هذا وبإمكاننا أن نعبّر عن الأُولى
بمرحلة الجعل ، وعن الثانية ، بمرحلة المجعول.
إذا عرفت هذا فنقول : إنّ الشكّ في
المجعول في الشبهات الحكمية على قسمين :
أ : ما كان الزمان مفرِّداً للموضوع ،
وكان الحكم انحلاليّاً ، كحرمة وطأ المرأة الحائض حسب أفرادها ، وكوطئها قبل
النقاء أو بعده قبل الاغتسال ، ففي مثله لايجري استصحاب الحرمة ، لأنّ الفرد
المحقّق بعد النقاء وقبل الاغتسال لم تعلم حرمته من أوّل الأمر ، فيكون الاستصحاب
في المقام من قبيل إسراء حكم من موضوع إلى موضوع آخر.
ب : ما إذا لم يكن الزمان مفرِّداً
للموضوع ، أو لم يكن الحكم انحلالياً ، كنجاسة الماء القليل المتمَّم كرّاً ، فانّ
الماء شيء غير متعدد حسب امتداد الزمان في نظر العرف ، ونجاسته حكم مستمر لكنّه
مبتلى بالمعارض ، فلنا يقين متعلّق بالمجعول ، ويقين متعلّق بالجعل ، فبالنظر إلى
المجعول يجري استصحاب النجاسة ، وبالنظر إلى الجعل يجري استصحاب عدمها ، إذ
المتيقن جعلها للماء النجس غير المتمَّم كراً ، وأمّا جعلها مطلقاًحتى للقليل
المتمَّم فهو مشكوك فيه ،