يوجب ذلك تقديمه
عليه ، لأنّ الأقوائية إنّما توجب التقديم ، لو كان التخالف والتكاذب بينها بالذات
، كما في المثالين : « لا تكرم فاسقاً » ، « أكرم عالماً » والأوّل يفيد الشمول ،
والثاني يفيد البدلية ، فانّ كلّ واحد منها يكذّب الآخر ، إذ لا تجتمع حرمة إكرام
الفاسق على إطلاقه ولو كان عالماً مع وجوب إكرام مطلق العالم ولو كان فاسقاً ، ففي
مثله يقدّم الأقوى على الأضعف ، وهذا هو محل الكلام في مبحث التعادل والترجيح ، لا
في المقام إذ ليس بين إطلاق الهيئة والمادة في أنفسهما تكاذب في المقام إذ لا مانع
من كونهما مطلقين غير مقيدين ، وإنّما جاء التعارض لأجل علم إجمالي بطروء القيد
على أحدهما مع تساويه بالنسبة إلى الأقوى والأضعف ، وفي مثله ، لا وجه لتقديم
الأقوى على الأضعف لما ذكرناه من تساوي العلم الإجمالي. [١]
مقتضى الأصل العملي
قد عرفت أنّه لا أصلَ لفظي في المقام
يعتمد عليه ، وانّ القيد إذا كان متصلاً يلزم منه الإجمال في الكلام ، وإن كان
منفصلاً فالعلم الإجمالي بتقييد أحد الإطلاقين يمنع عن الأخذ بواحد منهما ، فلابدّ
من الرجوع إلى الأصل العملي.
وأمّا مقتضاه فلانّ الشكّ في كون القيد
راجعاً إلـى الهيئـة ( فلا يجب تحصيله ) وإلى المادة ( فيجب تحصيلـه ) شكّ في
وجـوب تحصيـل القيـد والمرجع فيه البراءة.
نعم الأصل العملي ، أعني : البراءة لا
يثبت أحد الظهورين أي كون القيد قيداً للهيئة أو المادة.