ج : انّ فعل المندوب طاعة ، وكلّ طاعة
فهو فعل المأمور به ، ففعل المندوب ، فعل المأمور به.
يلاحظ
عليه : منع الكبرى لو أُريد من المأمور به ،
المعنى الحقيقي أي فعل الواجب ، ولو أُريد الأعم منه ومن غيره لا يثبت المدعى. هذا
توضيح ما في الكفاية.
هناك نكتة مهمة كان على صاحب الكفاية
التنبيه عليها ، وهي :
أنّه لا شكّ في استفادة الوجوب من لفظة
الأمر ومن مرادفه في الفارسية ( فرمان ) إنّما الكلام في مَنْشَئِها ، فهل الوجوب
مدلول لفظي وضعي ، بمعنى أنّ لفظه موضوع للوجوب ، أو هو مقتضى الإطلاق وانّ الوجوب
لا يحتاج إلى بيان زائد ، بخلاف الندب ، فإذا لم يكن هناك بيان زائد يحمل على
الوجوب ، أو لا هذا ولا ذاك ، بل هو مقتضى حكم العقل؟ هنا احتمالات ثلاثة ندرسها.
لا سبيل إلى الأوّل ، إذ ليس الوجوب
والندب من مداليل لفظ الأمر ، بل الكل من المفاهيم الانتزاعية ، فانّ لفظ الأمر
وضع لنفس الطلب وحده ، وإنّما ينتزع الوجوب من استعماله مقروناً بشيء يدل على شدّة
رغبة المولى بالفعل وعدم رضاه بتركه ، كما أنّ الندب ينتزع من استعماله مقروناً
بما يدل على خلاف ذاك. [١]
نعم الاحتمال الثاني قريب بناء على
إلقاء الأمر [٢]
بلا قرينة دالة على الندب كاف في بيان الوجوب ، بخلاف الندب فهو رهن بيان زائد من
تجويز المخالفة وسيوافيك أنّ مقتضى صيغة الأمر هو كونه نفسيّاً ، عينياً تعيينياً
، لأنّها لا تحتاج إلى
[١] وسيوافيك تفصيله
في دلالة صيغة الأمر على الوجوب أو الندب والكلام في المقام في لفظ « الأمر » فلا
يختلط عليك البحث.