ولكن حين تسلّم الإمام علي عليه السلام زمام الأمور عاد الحق إلى نصابه ونحي
أتباع الباطل ولم يجرؤ أحد على الدفاع عن الوضع السابق ويصادر حقوق الطبقات
المستضعفة والمحرومة ويغدقها على طلّاب الدنيا وذوي الأطماع. ولا يقتصر هذا الأمر
على أميرالمؤمنين عليه السلام بل لو تسلّم أئمّة أهل البيت عليهم السلام مقاليد
الأمور لاتّبعوا ذلك النهج بفضل عصمتهم التي يستدل عليها بعدّة أدلة ومنها حديث
الثقلين.
ثم اختتم الكلام بذكر صفتهم الأخيرة فقال عليه السلام: «عَقَلُوا الدِّينَ عَقْلَ وِعَايَةٍ[1] وَرِعَايَةٍ، لَا عَقْلَ سَمَاعٍ وَرِوَايَةٍ. فَإِنَّ
رُوَاةَ الْعِلْمِ كَثِيرٌ، وَرُعَاتَهُ[2] قَلِيلٌ».
قطعاً العلم بالدين له مراتب كالعلم بأيّ أمر آخر، المرحلة الأولى سماع ونقل
الألفاظ والمرحلة الثانية فهم المعنى وإدراك المضمون والمرحلة الثالثة الإيمان
واليقين العميق الذي ينفذ في جميع كيان الإنسان ويسوقه للعمل، وأهل البيت عليهم
السلام في ذروة المرحلة الثالثة ومن هنا أوصى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله
وأكّد على الامّة بالتمسك بالقرآن وأهل البيت من بعده ليأمنوا الضلال والغي.
***
[1]. لم ترد هذه المفردة بهذه الصيغة
في المصادر اللغوية وصحيحها «وعاء» ظرف الشيء ويبدو أنّ النسخةالأصلية كانت وعاء
التي تلائم السماع في العبارة اللاحقة.