قال الإمام الصادق عليه السلام: «كِتابَ
اللَّه فِيهِ نَبَأُ ما قَبْلِكُمْ وَخَبَرُ ما بَعْدِكُمْ وَفَصْلُ ما بَيْنَكُمْ
وَنَحْنُ نَعْلَمُهُ»[1].
فكيف يمكنهم الاختلاف في الحق. فالاختلاف علامة الجهل، ومن كان عالماً بكلّ
هذه الأمور يستحيل عليه الاختلاف.
ثم ذكر صفتهم الثامنة والتاسعة فقال:
«وَهُمْ دَعَائِمُ الْاسْلَامِ، وَوَلَائِجُ[2] الْاعْتِصَامِ».
وهكذا فالدين كالخيمة وأوتادها آل محمد، وكما تنهار الخيمة إذا زالت الأوتاد،
فإن نحيّنا آل محمد عن الإسلام وقرأناه دونهم، إنهارت فروعه وأصوله.
وواصل عليه السلام كلامه ببيان الصفات الثلاث الأخيرة فقال: «بِهِمْ عَادَ الْحَقُّ إِلَى نِصَابِهِ[3]، وَانْزَاحَ[4] الْبَاطِلُ
عَنْ مُقَامِهِ، وَانْقَطَعَ لِسَانُهُ عَنْ مَنْبِتِهِ».
تشير هذه العبارة إلى الانحرافات التي حدثت بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و
آله لاسيما على عهد الخليفة الثالث، فقد أصبح بيت مال المسلمين لعبة بيد فئة من
المتكالبين على الدنيا ومن بنيأُمية- ومنهم عدو الإسلام الأوّل، أيأبو سفيان-
تسلّموا المناصب الحساسة في الحكومة الإسلاميّة ففعلوا كلّ ما استطاعوا فعله وكانت
نتيجة ذلك الثورة على الخليفة والتي أطاحت به وببطانته [5] بمرأى ومسمع المهاجرين والأنصار دون أن
يدافعوا عنه.
[2]. «ولائج» جمع «وليجة» من «الولوج»
الدخول وتطلق على حامل أسرار الشخص أو جامعها ولكن ليس منأهله. ويقال وليجة لكل
من يرد قوماً من الخارج ويحمل أسراره وهي قريبة المعنى من مفردة البطانة.
[3]. «نصاب» الأصل وموضع الرجوع
والمكان المناسب لكل شيء وأساسه وبدايته. ثم اطلق على المقدار في باب الزكاة
وأمثال ذلك.
[4]. «انزاح» من مادة «زوح» على وزن
«زوج» تعني في الأصل الرحيل من المكان. ثم اطلق على كلّ شيء يزال عن مكانه.