كفّ عن الحركة وتعثرت مسيرته نحو الكمال، والأمر كذلك فليس للسمو والتكامل
وجلب رضى اللَّه من حدود ليقنع بها الإنسان، فلابدّ من الاعتراف بالتقصير دائماً
وبذل الجهد على الدوام، وعليه فليس هنالك من يستغني عن وعظ الآخرين، لأنّ النقص
والتقصير يبدو أظهر للآخرين، بينما يحول حبّ الذات دون رؤيته.
ورد في حيث مفصّل عن الزهري، قال: «دخلت مع علي بن الحسين عليهما السلام على
عبدالملك بن مروان قال: فاستعظم عبدالملك ما رأى من أثر السجود بين عيني علي بن
الحسين عليه السلام فقال: ياأبا محمّد لقد بيّن عليك الاجتهاد، ولقد سبق لك من
اللَّه الحسنى وأنت بضعة من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قريب النسب وكيد
السبب ... وأقبل يثني عليه ويطريه، قال: فقال علي بن الحسين عليه السلام: كلّ ما
ذكرته ووصفته من فضل اللَّه سبحانه وتأييده وتوفيقه فأين شكره على ما أنعم ...؟
كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقف في الصلاة حتى تورم قدماه، ويظمأ في
الصيام حتى يعصب فوه، فقيل له: يا رسول اللَّه! ألم يغفر اللَّه لك ما تقدم من
ذنبك وما تأخر؟ فيقول صلى الله عليه و آله: أفلا أكون عبداً شكوراً ..
واللَّه لو تقطّعت أعضائي وسالت مقلتاي على صدري لن أقوم للَّهجلّ جلاله بشكر
عشر العشر من نعمة واحدة من جميع نعمه التي لا يحصيها العادّون، ولا يبلغ حدّ نعمة
منها في جميع حمد الحامدين» [1].