responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفحات الولاية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 4  صفحه : 68

في تدبير هذا العالم، وهو ما أشار إليه القرآن الكريم في الآية الخامسة من سورة النازعات، حيث عبر عن هذه الملائكة بالقول‌ «فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً»، كما احتمل أن يكون لهذا الصنف من الملائكة دور في ايجاد تلك السحب والجبال والظلمات- على كل حال فانّ مأمورية هذا الصنف من الملائكة هى مأمورية تكوينية- على الخلاف من ملائكة الوحي حيث لهم مأمورية تشريعية. ثم تطرق عليه السلام إلى‌ صنف آخر من الملائكة فقال عليه السلام:

«ومنهم من قد خرفت أقدامهم تخوم‌ [1] الأرض السفلى، فهى كرايات بيض قد نفذت في مخارق‌ [2] الهواء، وتحتها

ريح هفافة [3]، تحبسها على حيث من انتهت من الحدود المتناهية»

وتشبه هذه العبارة ما أورده الإمام عليه السلام في الخطبة الاولى‌ من نهج البلاغة التي قال فيها:

«ومنهم الثابتة في الأرضين السفلى أقدامهم، والمارقة من السماء العليا أعناقهم»،

طبعاً هذه العبارات إنّما تشير على‌ سبيل الكناية إلى‌ رفعة هذا الصنف من الملائكة وسمو مكانته، واننا لاندرك سوى شبح عنها، وذلك لأننا لانمتلك المعلومات الكافية عن خلقها. ولا يتسنى إدراك حقيقة هذه التعبيرات بصورة تامة سوى لعلي عليه السلام وسائر المعصومين عليهم السلام الذين رفعت عنهم الحجب، وما علينا إلّا القناعة والاكتفاء بهذا العلم الإجمالي. ثم واصل الإمام عليه السلام كلامه في وصف هؤلاء الملائكة فقال عليه السلام:

«قد استفرغتهم أشغال عبادته، ووصلت حقائق الإيمان بينهم وبين معرفته، وقطعهم الايقان به إلى الوله‌ [4] إليه، ولم تجاوز رغباتهم ما عنده إلى ما عند غيره»

، فالعبارات الأربع مرتبطة مع بعضها البعض الآخر قطعا، فالاشتغال بالعبادة سبب لتقوية الإيمان ورسوخه، كما أنّ قوة الإيمان تنتهي إلى الحب والعشق، فاذا ملأحبّه كيان الإنسان أو الملك، لم يدعه يفكر في غيره ولايطمع إلى‌ ما عند سواه. فقد ورد في الخبر عن الإمام الصادق عليه السلام أنّ النبي الأكرم صلى الله عليه و آله قال:

«أفضل الناس من عشق العبادة فعانقها، وأحبّها


[1] «تخوم» جمع «تخم» تعني في الأصل الحد، وتخوم الأرض اعماقها.

[2] «مخارق» جمع «مخرق» من مادة «خرق» على وزن خلق. بمعنى موضع الخرق، ومخارق الهواء الشقوق بين طبقات الهواء.

[3] «هفافة»، الريح التي تتحرك بسرعة. وقيل هفافة بمعنى الطيبة الساكنة، إلّاأنّ هذا المعنى لايبدو مناسباًللعبارة المذكورة، ولايستبعد ادغام المعنيين في مفهوم واحد وهو الريح السريعة المنتظمة.

[4] «وله» تغني الحيرة من شدة الحزن حتى يفقد صاحبها عقله، ثم اطلق على العشق المفرط الذي يسلب‌الإنسان استقراره.

نام کتاب : نفحات الولاية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 4  صفحه : 68
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست