responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفحات الولاية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 4  صفحه : 47

وعلى هذا الأساس يجوز عليها الصعود والنزول والذهاب والاياب. وسنخوض أكثر في هذا الموضوع في المقطع القادم من الخطبة بأذن اللَّه السؤال الآخر الذي يطرح نفسه هنا: هل هناك من مكان يضم اللَّه في السموات لتهبط منه الملائكة فتوصل الرسالات والأوامر ثم تصعد إليه باعمال العباد؟ قطعاً لا يمكن تصور مثل هذا الأمر على الحق سبحانه الذي يفوق عالم المادة ولا يجري عليه زمان ولا يحويه مكان ولا يتركب من أجزاء. اذن فما معنى هذا الصعود والهبوط؟

يبدو أنّ الإجابة على‌ هذا السؤال تتضح من خلال الالتفات إلى‌ هذه المسألة الدقيقة وهى:

صحيح أنّ السموات والأرضين مخلوقات اللَّه، إلّاأنّ هناك بعض المراكز في هذا العالم المادي التي تعد من مواضع إنعكاس الأنوار الإلهية. أو بعبارة اخرى‌ هناك بعض المواضع التي لها قداسة خاصة. على غرار الأرض التي لا تتساوى جميع بقاعها. على سبيل المثال فقد اتجه موسى بن عمران عليه السلام إلى‌ الطور حين أراد أن يأخذ الألواح، كما كان نبي الإسلام صلى الله عليه و آله يتجه قبيل انبثاق الدعوة إلى‌ غار حراء؛ والحال هذان الموضعان ليسا باقرب من غير هما إلى‌ اللَّه، إلّاأنّ قديسة بعض المواضع تجعلها أعظم اشعاعاً للأنوار الإلهية كالطور وحراء والمسجد الحرام.

وهكذا الأمر بالنسبة للملائكة، فهناك بعض المراكز القدسية في العالم العلوى تتسلم فيها الملائكة الأوامر الإلهية، وهى المراكز التي بلغها رسول‌اللَّه صلى الله عليه و آله في معراجه، بل جاوزها لما هو أقرب ليفيض اللَّه عليه من لطفه وعنايته، وهناك تستودع الأعمال الخيرة للعباد وتحفظ إلى‌ يوم القيامة.

ثم خاض الإمام عليه السلام في تفاصيل ما أورده سابقا على نحو الاجمال، حيث عرض بالشرح بخمس عبارات لمراحل خلق السموات. فأشار في العبارة الاولى‌ إلى‌ أمره (ويراد به الأمر التكويني لا جتياز مراحل الخلقة والتكامل) السماء حين كانت على هيئة دخان‌

«وناداها بعد إذ هى دخان»

فهذه العبارة في الحقيقة أشارت إلى‌ أولى‌ مراحل خلق العالم التي تعرضت لها الآية من سورة فصلت‌ «ثُمَّ اسْتَوى‌ إِلى‌ السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ» [1] وهو الأمر الذي يقره العلم المعاصر في أنّ العالم برمته كان في البداية كتلة عظيمة جداً من الغاز. وقال في العبارة الثانية (حيث وردت الخلقة مرحلة جديدة)

«فالتحمت عرى أشراجها».

فبالنظر إلى‌ أنّ معنى الالتحام هو الوصل، والعرى جمع عروة بمعنى المقبض، والاشراج جمع‌


[1] لابدّ من الالتفات هنا إلى‌ أنّ ثم الواردة في الآية تعنى التأخير في البيان لا الزمان. وعليه فهى لا تدل على أنّ‌خلق السموات جاء بعد خلق الأرض (راجع التفسير الأمثل/ 11 من سورة فصلت).

نام کتاب : نفحات الولاية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 4  صفحه : 47
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست