responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفحات الولاية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 76

علمه «علم‌حضوري»؛ أي أنّ المخلوقات حاضرة عنده، ونعلم أن ليس هناك من معنى للعلم الحضوري بشأن الأشياء التي لم تظهر للوجود؛ بل هذا الإشكال وارد حتى بخصوص الموجودات التي زالت وانعدمت في الماضي؛ فان كان لنا من علم بها بفضل صورها الذهنية التي تبلورت في أعماقنا وأفكارنا. ولكن كيف لمن ليس له ذهن وصور باطنية وليس من سبيل للحوادث إلى ذاته المقدسة أن يحيط بها؟! على سبيل المثال: لقد زالت صورة فرعون ورهطه وانقطع تأريخهم، وليس لنا سوى استحضار صورتهم في أذهاننا، ولكن ما كيفية علم اللَّه به وهو ليس من قبيل علمنا؟ فهل يمكن القول بأنّه ليس عالماً بالماضي؟ أم ليس له من علم بالمستقبل؟ أبداً لا يمكن ذلك! إذن إن كان عليماً فما كيفية هذا العلم؟

لقد أثارت هذه المسألة الجدل في أوساط الفلاسفة والعلماء فقدموا عدّة أجوبة بهذا الشأن، سنقتصر هنا على الإشارة إلى بعضها:

1- إنّ الله كان ومازال عالماً بكافة الأشياء بذاته التي تعتبر علة لجميعها، وبعبارة اخرى فانّ لذاته أعظم الحضور لدى لذاته، وهذا العلم بذاته هو علم إجمالي بكافة حوادث العالم وموجوداته قبل الايجاد وبعده. وتوضيح ذلك أننا لو علمنا على نحو الدقة بعلة الأشياء فان مثل هذا العلم سيقود بالنتيجة إلى العلم بنتائجها ومعلولاتها؛ وذلك لأنّ كل علة تشتمل على كافة كمالات المعلول وزيادة، ولما كان اللَّه علة جميع الأشياء ويعلمها بذاته ويحيط بها، وفي الواقع فان هذا نوع من الكشف التفصيلي تجاه جميع الأشياء من خلال العلم الاجمالي. ويمكن توضيح هذا الكلام بالقول: إنّ الحوادث الماضية لم تنعدم بالمرة أبداً وإنما لها وجود وحضور في عمق حادث الحاضر. كما أنّ الحوادث المستقبلية ليست معزولة عن الحوادث الحاضرة فهى مرتبطة بها ونابعة منها. وعلى هذا الأساس فانّ الماضي والحاضر والمستقبل إنّما يوجد سلسلة من العلل والمعاليل بحيث أنّ العلم باحدى حلقاتها انّما يعني العلم بما قبلها وما بعدها من حلقات. على سبيل المثال لو علمنا بدقّة الأوضاع الجوية للكرة الأرضية والعوامل المؤدية لظهور الأجواء الفعلية وأحطنا بكافة جزئيات وروابط عللها ومعاليلها، فاننا سنستطيع التعرف بدقة على أوضاع الأجواء لما قبل أو بعد آلاف السنين؛ وذلك لأنّ ملف حوادث الماضي والمستقبل موجودة في الحاضر. فاليوم يحمل انعكاساً دقيقاً عن الأمس،

نام کتاب : نفحات الولاية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 76
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست