responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفحات الولاية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 60

الأشياء، وبعبارة اخرى فان فعله إبداع. نعم فهو قادر على خلق عالم الوجود أو اعدامه في طرفة عين أو أقرب بإرادته وقوله (كن)، كما له خلقه تدريجياً أو في أية مدّة نبتغيها إرادته.

والذي يجدر الالتفات إليه هنا هو أننا حين نصفه سبحانه بأنّه فاعل فلا ينبغي أن نقارن فاعليته بذواتنا وأنّها تستعين بالادوات والآلات. وبالطبع فانّ هذا الكلام لا يعني أن ليس للَّه من ملائكة تتولى تدبير الأمر والتي وصفها القرآن‌

«... فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً».

فقد جرت عادته على ايجاد الحوادث عن طريق الأسباب، لان إرادته شاءت ذلك لامحتاج لها.

5- ثم قال الإمام عليه السلام:

«بصير إذ لا منظور إليه من خلقه».

صحيح أن مفردة بصير مشتقة من مادة البصر، إلّاأنّها تطلق بالمعنى المجازي على اللَّه سبحانه لا الحقيقي. فكونه بصيراً يعني عليماً بجميع الأشياء القابلة للرؤية وحتى الأشياء التي‌ترى ولم تخلق بعد. وبناءً على هذا فان بصيرته تعود إلى علمه اللامتناهي، حيث نعلم جميعاً بأنّ علمه أزلي. وأخيراً فقد تحدث الإمام عليه السلام عن وحدانيته سبحانه في غناه عن الأنيس فقال:

«متوحد إذ لا سكن يستأنس به ولا يستوحش لفقده» [1]

وتوضيح ذلك هو أنّ الناس وسائر الكائنات الحية وبحكم كون قدرتها محدودة في نيل المنافع ودفع الاضرار فانّها مضطرة للاستعانة ببني جنسها ومن غيرها لتشعر بالأمن تجاه بعض الأخطار التي تهددها. وهنا يتفاقم شعور الإنسان بالاستيحاش لوحدته، بينما يأنس بوجود سائر الأفراد إلى جانبه ولاسيما أثناء تعرضه للأخطار والآفات والبلايا والأمراض والأوبئة. وأحياناً يندفع الإنسان الضيق النظر ليقارن اللَّه بنفسه فيشعر بالدهشة والذهول كيف يكون اللَّه وحيداً قبل ايجاده لهذه المخلوقات، وكيف لا يكون له من أنيس يسكن إليه، وأخيراً كيف يشعر بالاستئناس بهذه الوحدة؟! غافلًا عن أنّه وجود مطلق لا يحتاج‌الاستعانة


[1] هناك احتمالان بشأن «إذ» الواردة في العبارة؛ الاحتمال الأول: هل هى ظرفية تشير إلى عدم وجود شي‌ء خلق في الأزل ولم تكن سوى ذاته المقدسة ليأنس بها ويستوحش لفقدها؟ أم إن «إذ» هنا بمقام التعليل، يعني كان وما زال واحداً لأنّه لم يكن هناك من وجود، حيث لا يحتاج إلى أحد؟

يبدو أنّ الاحتمال الثاني هو الأقوى. كما إن «لا» في قوله «لا يستوحش» زائدة وردت للتأكيد، بينما ذهب البعض إلى أنّها جملة استئنافية.

نام کتاب : نفحات الولاية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 60
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست