responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفحات الولاية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 59

تسود المخلوقات باللَّه، هى رابطة بين وجودين مستقلين في أنّ أحدهما مخلوق للآخر، كوجود الشعلة العظيمة والشمعة الصغيرة التي نوقدها من تلك الشعلة، في حين الحقيقة شي‌ء آخر تماماً. فالفارق بين المخلوق والخالق هو ليس من قبيل الفارق بين وجود ضعيف وقوي قط، بل الفارق هو فارق بين وجود مستقل من جميع الجهات ووجود تابع. فعالم الوجود برمته تابع له ويتغذى في كل آن من نور وجوده عليه. فاللَّه سبحانه ليس منفصلًا عن عالم الوجودكما أنّه ليس عين الموجودات (كما ذهب إلى ذلك الصوفية التي تقول بوحدة الوجود والموجود)، وأنّ التوحيد الواقعي إنّما يتوقف على إدراك هذه الحقيقة. ويمكن إيضاح هذه الحقيقة بهذا المثال (رغم النقص الذي يشوب مثل هذه الأمثلة). فشعاع الشمس رغم وجوده وكونه غير قرص الشمس، إلّاأنّه متصل بها تابع لها، هو غيرها لكن لا على نحو المغايرة وبمعنى الانفصال والاستقلال، ومعها ولكن ليس بمعنى الالتحام والاتحاد. وهما لاشك فيه أن ارتباط موجودات هذا العالم بالذات الإلهية المقدسة أكثر قرباً وتبعية ممّا صدره هذا المثال، والحق‌لا يمكن العثور على مثال دقيق في هذا العالم لتصوير عمق هذه التبعية والوحدة وفي نفس الوقت الثنائية (أي الوحدة في الكثرة). رغم أنّ الأمثلة ومنها المثال المذكور- أو كالتصورات الذهنية للإنسان التابعة من روحه وغير المنفصلة عنها وفي نفس الوقت تابعة لها وليس لها من مفهوم دونها- يمكنها أن توضح إلى حد ما هذا الموضوع.

4- تناول الإمام عليه السلام صفة اخرى‌ من صفات الذات الإلهية المقدسة، فقد قال عليه السلام:

«فاعل لا بمعنى الحركات والآلة».

لقد جرت المحاورات اليومية عادة على الاصطلاح بالفاعل على الفرد الذي يقوم ببعض الأعمال من خلال حركات اليد والرجل أو الرأس والرقبة وسائر الأعضاء، ولما كانت قدرة الإنسان وسائر الكائنات محدودة وتعذر الإتيان بكافة الأفعال والأعمال على هذه الأعضاء، فانّه يستعين ببعض الوسائل والأدوات ليسد بها ذلك النقص الذي يشوب قدرته، فهو يستعين بالمطرقة لدق المسمار، وبالمنشار لنشر الخشب وبالمكائن والآلات الضخمة لنقل الأحمال الثقلية من مكان إلى آخر، وكل هذه الامور هى من آثار الأجسام والجسمانيات.

ولما كان اللَّه منزهاً عن الجسمية، وقدرته غنية مطلقة خارجة عن الحد والحدود فان فاعليته لا تعني القيام بالحركات أبداً، كما أنّ قدرته المطلقة أغنته عن الاستعانة بالأدوات والآلات. فاللَّه سبحانه فاعل قبل أن تخلق الآلة ولو كان محتاجاً للآلة لعجز عن خلقه لاولى‌

نام کتاب : نفحات الولاية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 59
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست