responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفحات الولاية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 168

فقد أشار الإمام عليه السلام في البداية إلى مسألة وجوب الحج، حيث اعتمد عبارات في غاية الروعة واللطافة بغية حث المسلمين على أداء هذه الفريضة الإلهية العظيمة، فقال عليه السلام:

«وفرض عليكم حج بيته الحرام»

ثم كشف عن صفة هذا البيت بقوله‌

«الذي جعله قبلة للأنام» [1]

فهى القبلة التي يتجه إليها المسلمون في صلواتهم اليومية على أنّها رمز وحدة جميع المسلمين الذين ينظمون صفوفهم في الاتجاه اليها. ثم يتطرق عليه السلام إلى وصف الشعائر والمراسم التي يؤديها عشاق الحق فيشبههم عليه السلام بالعطاش الذين يردون على الماء العذب والطيور التي تبحث عن الملاذ

«يردونه‌ [2] وورود الانعام ويألهون‌ [3] إليه ولوه الحمام‌ [4]».

حقاً أنّ من أدرك معنى الحج فانّه يرد البيت على هذه الشاكلة فتكاد روحه وقلبه تسبقه إلى البيت فيعيش الوفادة عليه بكل كيانه ويستعيد به من شر الشياطين وأهواء النفس وتبعات الذنوب فيلبي دعوة الحبيب ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق في أجواء الكعبة التي تفيض بالمعنويات. أمّا التشبيه بالانعام فلعله إشارة إلى التواضع المطلق الذي يستشعره الحجاج تجاه بيت اللَّه أو حالة الاضطراب حين الاقبال على الكعبة والطواف، أمّا التعبير بالحمام فذلك لأنّه يرمز إلى الحب والسلام والوئام.

جدير بالذكر أنّ مراسم الحج تستهل بالاحرام والتلبية التي تفيد اجابة الدعوة الإلهية، فاللَّه سبحانه قد دعى‌ زوار بيته الحرام للضيافة وقد تقاطر عليه الضيوف بقلوب مفعمة بالعشق لتعيش القرب الإلهي وهم يلمسون معاني الورع والتقوى والانس بالمحبوب. ثم‌


[1] «أنام» فسرها البعض بالناس، والبعض الآخر بالموجودات العاقلة التي تعيش على الأرض من الإنس والجن. وعلى ضوء التفسير الأول يصبح مفهوم العبارة اختصاص القبلة بالناس، بينما تكون قبلة الانس والجن حسب التفسير الثاني. وقيل هى مشتقة من مادة ونام بمعنى الصوت ثم اطلقت فيما بعد على جميع الكائنات الحية ولا سيما الانس والجن (تاج العروس، مادة أنم).

[2] «يردون» من مادة «ورود» بمعنى دخول الحيوانات على حياضها عند عطشها ثم اطلق على كل دخول لمكان.

[3] «يألهون» من مادة «ألَه، ألوهاً» بمعنى العبادة. بناءً على هذا يألهون بمعنى يعبدون، كما قيل إنّ مادته تعني الحيرة؛ لأنّ الإنسان يتحير حين يفكر في ذات اللَّه وصفاته. وقيل أصله (وله) وقد استدلت واوه بالهمزة (ويؤيد هذا المعنى ورود كلمة الولوه في العبارة بصيغة المفعول المطلق) والوله بمعنى التضرع بلهفة.

[4] «الحمام» بالفتح بمعنى الطيور والحمام بالكسر بمعنى الموت، وقد أريد المعنى الأول في العبارة (أي الحمام بالفتح).

نام کتاب : نفحات الولاية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 168
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست