عاملين للضلالة والانحراف عن الحق، الأول: الدنيا «فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا»، والثاني:
الشيطان «وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ
الْغَرُورُ» فتارة يؤملكم بكرمه وينسيكم غضبه، وتارة اخرى
يغويكم بشكل بحيث تنسون اللَّه وتعاليمه، أو تبدو لكم تعاليمه بشكل معكوس.
إنّ «غرور»- كما أشرنا سابقاً- هو كل ما خدع الإنسان، سواء كان مالًا أو جاهاً أو شهوات
أو غير ذلك، وبما أنّ الشيطان أوضح مصداق للخداع، أطلق عليه ذلك كثيراً، وفُسِّر
به [1].
يعتقد كثير من المفسرين أنّ عبارة
«لَايَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ» تلميح
إلى أنَّ الشيطان غَرَّ الإنسان بَعفو اللَّه وكرمه بدرجة يمكّنه من ارتكاب أي
معصية أراد، ويبلغ به الأمر أن يعتقد بأنّ هذا ناشيء عن كمال معرفته لصفات
اللَّه! وهذا أمر عجيب.
وحاله كحال من يتصور أنّ جسمه قوي وذو مناعة تمكنه من مقاومة جميع السموم المهلكة،
فيخدعه تصوره ويتناول السم فيموت.
وهذا هو أحد حجب المعرفة.
توضيحات
1- من هو الشيطان؟
إنّ «الشيطان»- وكما قلنا سابقاً- ليس اسماً خاصاً أو علماً لإبليس، بل إنّ
إبليس الذي امتنع عن السجود لآدم هو أحد الشياطين.
إنّ لإبليس جنوداً كثيرة من جنسه ومن الناس، وتطلق مفردة الشيطان على الجميع،
وعلى هذا فقادة الكفر والشرك والظلم والفساد في الأرض، والعاملون في الاجهزة
الظالمة كلهم من جنود الشيطان، ولقد جاء في رواية أن هناك شياطينَ من الانس أسوء
من شياطين الجن، حيث سأل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أباذر يوماً: «هل تعوّذت باللَّه من شر شياطين الجن