النجس انما هو عبارة عما لاقته النجاسة واقعا، و ان لم يعلم به المكلف، و
فرعوا عليه بطلان صلاة المصلي في النجاسة جاهلا، و ان سقط الخطاب عنه ظاهرا.
و أنت خبير بما فيه من العسر و الحرج، و مخالفة ظواهر الأخبار الواردة عن
العترة الأبرار».
ثمَّ استدل على ما اختاره باستلزام قول المشهور التكليف بما لا يطاق، و ما دل
على ان من رأى في ثوب أخيه دما و هو يصلي لا يؤذنه حتى ينصرف [1] و غير ذلك.
و استدل أيضا بما حكاه عن الشهيد الثاني: «ان ذلك يكاد يوجب فساد جميع
العبادات المشروطة بالطهارة لكثرة النجاسات في نفس الأمر، و ان لم يحكم الشارع
ظاهرا بفسادها، فعلى هذا لا يستحق عليها ثواب الصلاة، و ان استحق أجر الذاكر
المطيع بحركاته و سكناته، ان لم يتفضل اللّه تعالى بجوده» [2].
[محاكمة مع صاحب الحدائق في المسألة]
و لكن ما ذكره قدس سره الشريف من أعجب ما يمكن ان يتفوه به، فإنه يرد عليه
أمور:
الأول: ان النجاسة هي القذارة، و الطهارة عدمها، و هما أمران عرفيان قبل ان
يكونا شرعيين، فالطهارة و النجاسة ليستا من اختراعات الشرع، بل كان من أول زمن
وجود الإنسان، بل و قبل وجوده، فلذا يجتنب أهل العرف عن كثير من الأشياء لأنها
قذارات، و يطلب أشياء أخر لأنها طاهرات.
نعم الشارع المقدس زاد على ما عند العرف و نقص في بعض الأحيان و اشترط فيهما
شرائط و بين لها أحكاما و لكنها أشبه شيء بما ورد عنه في أبواب العقود و
الإيقاعات و المعاملات.