و كذلك إذا أقبض غيره العارية، و شرط فيها العوض بتوهم الصحة، فإن الأخذ
يضمنها و ان كانت العارية بذاتها لا توجب الضمان، و لم تكن العارية معوضة.
و بالجملة المدار في أصل القاعدة على «احترام مال المسلم»، و في عكسها على
«التسليط المجاني» و هما يدوران مدار اشخاص العقود و افراده، لا أنواعه و أصنافه.
الرابع: هل هنا فرق بين علم الدافع و القابض و جهلهما أم لا؟
قد يقال بعدم الفرق لإطلاق النص و الفتوى.
و المراد بالنص هو «عموم من أتلف» و بالفتوى إطلاق كلمات القوم في أبواب
المختلفة من العقود أو عند ذكر القاعدة مطلقة.
هذا و لكنك بعد ما عرفت من الدليل الذي بنينا عليه في هذا الباب تعلم الفرق
الواضح بين صورتي العلم و الجهل، فإنه إذا كان الدافع عالما بأن الهبة الفلانية
مثلا غير صحيح شرعا، و مع ذلك لم يعتن بحكم الشرع، و اقبض الموهوب له بانيا على
صحتها عند نفسه، فمن الواضح انه لا ضمان للقابض هنا، لان المالك هو الذي دفع المال
اليه عالما عامدا، و سلطه عليه مجانا، و كذلك الأمر إذا باعه بغير ثمن عالما
بفساده، و سلط المشتري عليه.
كما ان الأمر في عكسه كذلك، فلو أعطاه المشتري عارية معوضة بتوهم صحة العارية
المعوضة و كان المشتري عالما بالفساد فإنه لا يصح له أخذها، و لو أخذها كان ضامنا،
لقاعدة احترام مال المسلم، و عدم جواز أخذه و إتلافه بغير اذن صاحبه، و الاذن هنا
مبني على مبنى فاسد و هو توهم الصحة بخلاف ما لو كان عالما بالفساد غير مكترث بحكم
الشرع، بل بانيا على الصحة من قبل نفسه، و بالجملة المسألة