التنفر عنه، و كذا إذا ارتكب ذنبا في مقابل النبي صلّى اللّه عليه و آله و
المؤمنين.
توضيحه ان كثيرا من الكفار كانوا ينتبهون من نومتهم و تميل نفوسهم إلى الإسلام
بعد ما ارتكبوا جرائم كثيرة، و لكن قد يمنعهم خوف المجازاة من قبول الإسلام، و كان
هذا سبب ترديدهم في قبول هذا الدين، و لكن الشارع المقدس الإسلامي وسّع عليهم
بالحكمة الإلهية، و قال الإسلام يهدم ما قبله، أو يجب ما قبله [1].
أضف الى ذلك انه لو كان كل إنسان إذا أسلم أخذ منه زكاة أمواله طول عمره، و
الزم بقضاء صلواته و صيامه كذلك، و أخذ بالحدود الشرعية و أنواع التعزيرات لتنفر
الطباع عن قبول هذا الدين و لم يكن الإسلام دينا سمحا سهلا.
هذا هو معنى الحديث، و حينئذ لا يبقى مجال لتوهم شمولها لعقوده و إيقاعاته أو
ديونه أو بدل إتلافاته، أو القصاص الذي ثبت عليه بحكم العقلاء، أو غير ذلك من
أشباهه، فإن هذه أمور لا ترتبط بالإسلام و الكفر، حتى يجب الإسلام عنها، و ليس في
الجب عنها امتنان، و لو كان منة على واحد كان خلاف المنة على آخرين و مع ذلك لا
يبقى مجال لتوهم ورود تخصيصات كثيرة عليها.
هذا خلاصة الكلام في معنى الحديث فلنرجع الى تفاصيله.
فنقول:
اما بالنسبة إلى «العقاب الأخروي و الدنيوي» فهو مما لا شك في شمول الجب له،
بل هذا هو القدر المتيقن من الحديث، و الآية، فإذا أسلم الكافر رفع عنه العقاب من
ناحية اعماله في حال كفره، و كذا الحدود و التعزيرات كلها، بل الظاهر
[1] و يوافقه معنى «الجب» في اللغة،
فإنه بمعنى القطع، و لذا يطلق المجبوب على الخصى، فكان الإسلام يقطع ما بعده من
عمر الإنسان مما قبله، فلا يبقى عليه التبعات و هو موافق لمعنى الهدم، الوارد في
رواية أخرى.