و لكن التحقيق هو ما ذكره المشهور، و ذلك لارتكاز أهل العرف الذي هو الأصل في
هذه المسألة، بعد عدم ردع الشرع عنه، فإنهم يرون للسابق حقا في المكان قطعا بحيث
يجوز له الدفاع عن حقه و العود اليه بعد دفعه منه، و لا يرون له أي اثم في هذا، بل
يعد الدافع غاصبا بل لا ينبغي الشك فيه.
و أما ما أفاده في الجواهر من الأدلة الثلاث فهي ممنوعة جدا.
أما الأصل فهو ممنوع بعد ما عرفت.
و أما عدم جواز نقله بعقد من العقود فهو أول الكلام، و على تقدير القول به فعدم
النقل لا يدل على عدم وجود حق، فرب حق لا يجوز نقله و ان كان يجوز إسقاطه.
و أما الدليل الثالث الراجع الى الاستصحاب فهو أيضا ممنوع بعد وجود الدليل.
و يؤيد ما ذكرنا أيضا مرسل محمد بن إسماعيل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قلت
له نكون بمكة أو بالمدينة أو الحيرة، أو المواضع التي يرجى فيها الفضل، و ربما خرج
الرجل يتوضأ فيجيء آخر فيصير مكانه، قال من سبق الى موضع فهو أحق به يومه و
ليلته [2].
و التعبير بكونه أحق له دلالة واضحة على ما ذكرنا، بل قد يتصدى لدفع ضعف السنة
بنقل احمد بن محمد الذي هو ابن عيسى الثقة المشهور الذي لا يروي من الضعفاء، و غير
ذلك من القرائن فتأمل.
و الإيراد على الحديث بان التحديد باليوم و الليلة غير ثابت لا يمنع عن
الاستدلال به بعد كون التفكيك في مفاد الأحاديث دارجا بينهم فتأمل.