و يمكن الاستدلال له بأنه من قبيل دوران الأمر بين التعيين و التخيير، فلا بدّ
من الأخذ بالتعيين، و على كلّ حال يختار من فيه المرجح.
إن قلت: ما المعيار في تشخيص المرجحات؟ و من المرجع في ذلك؟
قلنا: المرجع فيه هو أهل الخبرة كما في غيره من أمثاله في أبواب الفقه، فأهل
الخبرة هم المرجع الوحيد في تعيين من هو الأصلح من بين الفقهاء الصالحين، و لو فرض
فرضاً نادراً أو محالًا عادياً تساويهما من جميع الجهات أو بالكسر و الانكسار في
جهات مختلفة بحيث يتحير فيه أهل الخبرة، و لا يفضل واحد منهم على الآخر شيئاً،
يمكن الرجوع إلى القرعة، و لكن الإنصاف إن هذا نادر جدّاً، أو لا يوجد له مصداق
عادة، و على فرض وجوده فما المانع من الرجوع إليها بعد كونها مداراً لفصل الخصومات
و المنازعات، و المفروض كون أطراف القرعة جميعهم صلحاء عدول لا يفضل واحد على
الآخر.
نتيجة البحث في مسألة ولاية الفقيه
فتحصل من جميع ما ذكرنا أمور:
أحدها: أنه لا ينبغي الشكّ في ولاية الفقيه على أمر الحكومة، و قد دلت عليها
أدلّة مختلفة.
ثانيها: ولاية الفقيه إنّما هي في إجراء أحكام الشرع أعمّ من الأحكام الثابتة
بالعناوين الأولية أو الثّانوية، و ليس له فيما وراء الأحكام الولائية و الأمور
الإجرائية بما هو وال شيء آخر، و أمّا بما هو مجتهد مستنبط، أو قاضٍ، فمقتضاه أمر
آخر.
ثالثها: أن العمدة في المسألة هو التمسّك بالقدر المتيقن من أدلّة وجوب
الولاية،