و من هنا يمكن حلّ كثير من المسائل السابقة؛ لشمول الأدلّة للمصاديق
المستحدثة.
و إن شئت قلت: تنحلّ عقدتها بالتمسّك بالإطلاقات و العمومات ما لم يقم دليل
على تقييدها أو تخصيصها، و هذه قاعدة عامة ثابتة في علم الأصول.
و إليك نماذج من المسائل السابقة تجري فيها هذه القاعدة: منها- جريان (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) في العقود المستحدثة، كالتأمين، فإنّه أيضاً عقد، فيدخل تحت عموم «أَوْفُوا»، و لا معنى
لتخصيصه بالعقود الموجودة في عصر التشريع فقط، بل يشمل جميع العقود المتعارفة بين
العقلاء.
و منها- أنواع الشركات المستحدثة يومياً، حيث إنّ بعضها مشمول للأدلّة.
و منها- السرقفلية إذا كانت بصورة عقد جديد، لا من قبيل الشرط في ضمن عقد
الإجارة، كما سيأتي مفصّلًا إن شاء الله.
و لكن لا بدّ أنّ تتحقّق في جميع تلك العقود الشرائط العامة الواجبة شرعاً في
العقود؛ من معلومية العوضين- لو قلنا بجريان حكم الغرر في جميع العقود- و كونه على
أمر محلّل، و عدم كونه من قبيل التعليق في الإنشاء، و كون العاقد عاقلًا بالغاً
رشيداً مختاراً، إلى غير ذلك ممّا يعتبر في جميع العقود.
و منها- صحة المضاربة بالنقود الورقية، بل و صحة بذل رأس المال للزراعة و
الصناعة و غيرها و إن لم تُسمَّ مضاربة و لم تجرِ عليها أحكام المضاربة لو كان لها
أحكام خاصة بها. فإذا بذل إنسان مالًا إلى آخر و قال: مني رأس المال و منك الصناعة
و لك نصف منافعها، كان هذا داخلًا في عمومات وجوب الوفاء بالعقد و
«المؤمنون عند شروطهم»
و شبههما، فيجوز ابتياع سهام المؤسسات الصناعية و تقسيم منافعها بين العاملين
عليها و الذين يملكون سهامها؛ لأنّه عقد عرفي جامع