توضيح ذلك: أن حقيقة الملكية مثلًا كانت في بدأ الأمر هي السلطة الخارجية على
شيء، و كان تمليك الغير شيئاً هو تسليطه عليه في الخارج.
ثمّ لما أخذت المجتمعات البشرية تتسع نطاقها تبدلت هذه السلطة التكوينية
الخارجية إلى شكل اعتباري قانوني، و قام الإنشاء مقام الإعطاء الفعلي الخارجي،
فمجرد الاعتبار النفساني لا أثر له عند العقلاء، و لا يوجد السلطة الاعتبارية
القانونية و إنّما توجد هذه السلطة بألفاظ أو أفعال وضعت لها مع قصد إيجادها بها،
فإنشاء الملكية هو إيجاد اعتبار عقلائي قانوني بأسبابه، لا إيجاد أمر تكويني، بل و
لا إيجاد اعتبار نفساني حتّى لا يحتاج إلى الألفاظ، بل هي إيجاد سلطة قانونية
عقلائية على شيء و هذا المعنى يحتاج عندهم إلى أسباب خاصّة مع قصد إيجادها و كذلك
الطلاق مثلًا هو انفصال قانون عقلائي بين الزوج و الزوجة بأسبابها، و هكذا في سائر
الأمور الإنشائية من العقود و الإيقاعات.
فما ذكره (دام علاه) أنه لا معنى محصل لتعريف الإنشاء بإيجاد المعنى باللفظ
غير موافق للتحقيق، فإن الوجود الخارجي و النفساني لا يحتاجان إلى الألفاظ و لكن
الاعتبارات العقلائية تابعة لأسبابها و الألفاظ و شبهها إنّما هي أسباب لإيجاد
الاعتبارات العقلائية.
لا أقول أن حقيقة الإنشاء هي ذكر الألفاظ و شبهها، بل أقول أنها إيجاد
اعتبارات عقلائية بهذه الأسباب مع النيّة و القصد فتدبر فإنه حقيق به.