و من محاسن هذا الدليل أنّه لا يجري فيه إشكال التمسك بعموم العام في الشبهات
المصداقية فان الحكم هنا ثابت بعنوان البيّعان، و هذا المعنى ثابت لهما لا يزول،
فانه بمعنى أحداث البيع بلا إشكال.
و لكن قد يورد عليه: بأنّ المراد منها الحكم باللزوم من ناحية خيار المجلس بعد
افتراقهما، فهي ناظرة إلى خيار المجلس إثباتا و نفيا، و لا دلالة لها على لزوم
البيع من سائر النواحي.
و هذا الإشكال ممنوع جدّا بعد اطلاق الأحاديث و عدم وجود أي قرينة فيها على
اختصاصها بهذا الخيار، اللّهم إلّا أن يقال: إنّ عدم ذكر سائر الخيارات فيها من
العيب و الشرط و الغبن و ... قرينة عليه.
و فيه: إنّ كل عام و مطلق قابل للتخصيص و التقييد، فلما ذا لا تسقط سائر
العمومات و المطلقات عن العموم و الاطلاق في سائر المقامات بورود ذلك عليه؟
و بالجملة هذا الإيراد ممّا لا نجد له وجها، نعم الإشكال الوحيد عليها أنّها
أخص من المدعى لو كان المدعى هو أصالة اللزوم كقاعدة كلية، و لو كان الكلام مقصورا
على البيع تمّت دلالتها و قامت حجتها و لا غبار عليها.
10- بناء العقلاء على اللزوم:
لا ينبغي الشك في أنّ بناء العقود عندهم على اللزوم، فالبيع و النكاح و
الإجارة و غيرها من أشباهها لازمة لا تفسخ إلّا بدليل قائم على حق الفسخ،
فالخيارات عندهم استثناءات في هذه القاعدة الثابتة اللازمة عندهم.
بل يمكن أن يقال: إنّ ذلك مأخوذ في طبيعة العقد و ماهيته، فلو لم يكن العقد
لازم المراعاة لم يكن بمثابة العهد الذي يعتمدون عليه، فالعهود و العقود كلها
تعهدات في مقابل تعهدات تلزم الطرفين بمراعاتها، و عدم التعدي عن طورها، فلو كان
لكل واحد منهما رفضها و تركها متى ما أراد، و جاز الخروج عن مقتضى وظيفتها، لم تفد
أي فائدة، بل لم تكن معاهدة في الحقيقة، نعم لكل منهما اشتراط الخيار كاستثناء في
لزوم العقد إلى مدّة معلومة.