و لا يقاس ذلك بالعقود الاذنية كالوكالة و العارية و الهبة و الوديعة و
الأمانة و ما أشبهها، فان لها ماهية وراء البيع و شبهه، فهي اعطاء من أحد الجانبين
مع الاحتفاظ بحق المنع كلما أراد منعه، لا اعطاء شيء في مقابل شيء يتعهد الطرفان
بمراعاته، و الحاصل: أنّ بناء العقلاء و الشرع على اللزوم في المعاملات ناشئ في
الحقيقة عن طبيعتها و هويتها لا أنّ اللزوم حكم ثبت لها من الخارج، فتدبّر فانه حقيق
به.
فتحصل من جميع ما ذكرنا امور:
الأول: إنّ الأصل في جميع العقود و المعاهدات، اللزوم من دون تفاوت بين البيع
و غيره.
الثاني: إنّ الأدلة التي أقاموها على هذا الأصل بعضها ضعيفة، و لكن في الباقي
من الآيات و الروايات الكثيرة غني و كفاية، بل قد عرفت أن ذلك مقتضى طبيعة العقد
بحسب اعتبار العقلاء و الشرع الذي هو رئيسهم.
الثالث: إنّ مقتضى بعضها أصالة اللزوم في جميع المعاملات و العقود، و لكن
مقتضى بعضها اللزوم في خصوص البيع.
الرابع: إنّ أكثرها يجري على القول بالملكية في المعاطاة، نعم بعضها مثل
«المؤمنون عند شروطهم» يجري في الاباحة المعوضة أيضا.
و أمّا إن كانت الاباحة بحكم الإجماع لم يجر فيها إلّا الاستصحاب الذي عرفت
حاله.
عود إلى ملزمات المعاطاة:
إذا عرفت أنّ الأصل في المعاملات هو اللزوم، و أنّ الجواز فيها أمر عارض، فلو
قلنا أنّ المعاطاة عقد لازم- كما هو المختار- فلا كلام، و إن قلنا أنّها عقد جائز
فينبغي الكلام فيما يوجب لزومها، و إن كان هذا المعنى قليل الفائدة بعد اختيار
اللزوم كما عرفت، و لكن مع مراعاة جانب الاختصار نقول و منه جل ثناؤه نستمد
التوفيق: