ثالثا: و قد يقال: إنّ الجمع بين الحكم التكليفي و الوضعي لا يجوز في استعمال
واحد، ففي المقام إمّا يراد الوضعي فقط، أو التكليفي، و حيث لا يجوز إخراج
التكليفي منه، فلا دلالة له على الحكم الوضعي.
و فيه: أولا: أنّه قد حقّقنا في محله جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى.
و ثانيا: إنّ المعنيين يعودان إلى جامع، فالاشتراك هنا معنوي لا لفظي، فان
الحل- كما عرفت آنفا- في الأصل هو حل العقدة و جواز المضي في الأمر، و لا فرق فيه
بين الجواز الوضعي و التكليفي.
و إن شئت قلت: إنّ هذه الرواية امضاء لما عند العقلاء من عدم تجويزهم للتصرفات
بغير رضا المالك إلّا في موارد ثبت من قوانينهم جوازها، و من الواضح أنّه لا فرق
عندهم بين التصرفات الوضعية و التكليفية هنا.
9- رواية «البيعان بالخيار ما لم يفترقا»
و من أقوى ما يدل على أصالة اللزوم (في خصوص البيع دون غيره من المعاملات)
الأخبار الكثيرة الواردة في أبواب خيار المجلس (بل و خيار الحيوان أيضا) و هي
روايات كثيرة متضافرة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عن علي عليه السّلام
و عن الصادق عليه السّلام و عن الامام على بن موسى الرضا عليه السّلام، حتى أنّ
شيخنا الأعظم قدّس سرّه ذكر في بعض كلماته أنّها متواترة، و إن ذكر في غيره أنّها
مستفيضة [1].
و قد رواها الجمهور أيضا في صحاحهم المعتبرة عندهم بطرق شتى، و قد عقد له «ابن
ماجه» في سننه بابا، روى فيه عدّة روايات [2].
و من هنا لا يبعد دعوى التواتر فيها بملاحظة مجموع ما رواه الخاصة و العامة. و
أمّا دلالتها فظاهرة، لأنّ صدق البيع على المعاطاة بناء على القول بالملكية (كما
هو الأقوى) واضح، فبعد انقضاء المجلس يجب البيع و لا يجوز فسخه.
[1]. راجع وسائل الشيعة، الباب الأول
و الثاني و الثالث من أبواب الخيارات من كتاب التجارة، ج 12.