الحكومة على الخلق، و الاعطاء و المنع في العلم و المال، أو شبه ذلك، و سنشير
إلى روايات تدلّ على عدم حكمهم بغير الكتاب و السنة فانتظر.
السادس: قد عرفت أنّ للتفويض معان كثيرة، و مجرّد ذكره في بعض أحاديث الباب لا
يكون دليلا على التفويض في أمر التشريع فلا بدّ في كل مقام من ملاحظة القرائن
الموجودة فيه و لو لم يكن هناك قرينة معينة كان مجملا لا يصلح للاستدلال.
السابع: تحصل من جميع ذلك أنّه ليس للفقيه تشريع في شيء من الأحكام لأمور شتى
قد عرفت الإشارة إليها آنفا، من عدم كونه معصوما مؤيدا بروح القدس و كون الشريعة
كاملة بعده صلّى اللّه عليه و آله و غير ذلك، مضافا إلى فقدان الدليل عليه، بل هو
حافظ لأحكام الشرع و مواريث النبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة المعصومين
عليهم السّلام، بل عليه استنباطها من أدلتها، ثمّ إجرائها و انفاذها، و لو بقي له
شك في شيء من الامور فعليه الرجوع إلى الاصول العملية و القواعد المقررة للجاهل
الحاصرة لمجاريها.
و لا شك أنّ الأحكام الواردة في الشرع بعناوينها الأولية و الثانوية كافلة
لجميع ما تحتاج إلى الامّة في أمر الدين و الدنيا، و من عمل بذلك كله و أضاف إليه
الأحكام الولائية و الإجرائية فقد وفق لكل خير، و لا يخاف بخسا و لا رهقا، و لا
يأتيه مكروه من بين يديه و لا من خلفه.
هذا و يؤيد ما ذكرنا من عدم وجود تشريع للإمام المعصوم فكيف بغيره ما رواه في
بصائر الدرجات في باب «إنّ الأئمّة يوفقون و يسددون في ما لا يوجد في الكتاب و
السنة» و هي خمس روايات كلها دليل على المطلوب، و لكن الظاهر أنّها ترجع إلى
روايات ثلاث.
أحدها: ما رواه ربعي بن خثيم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «قلت له:
يكون شيء لا يكون في الكتاب و السنة؟ قال: لا، قال قلت: فان جاء شيء قال: لا،
حتى أعدت عليه مرارا، فقال: لا يجيء، ثم قال باصبعه: بتوفيق و تسديد، ليس حيث
تذهب، ليس حيث تذهب» [1].
ثانيها: ما رواه هو بواسطة سورة بن كليب، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه
السّلام: بأي شيء يفتي
[1]. بصائر الدرجات، الباب 6، ج 8،
باب تسديد الأئمة ما لا يوجد في الكتاب و السنة، ج 2، ص 388.