ذكره اللّه تعالى بعد ما ذكر ما أعطاه من النعم في أمر الحكومة على الناس.
سابعها: تفويض بيان الحقائق و اسرار الأحكام و ما أشبهها من العلوم إليهم
فيقولون ما شاءوا (و اقتضته الحكمة) و يمسكون عمّا شاءوا في الظروف الخاصة و
بالنسبة إلى الأشخاص المتفاوتة.
إذا عرفت هذا فلنعد إلى سرد الأخبار التي ذكرها في الكافي في باب التفويض و
نختار في ترتيب ذكرها، غير ما ذكره الكليني، لأمور تعرفها:
1- ما رواه زيد الشحام (مجهول بصندل الخياط، فقد ذكر في الرجل من غير مدح و لا
ذم، مضافا إلى أنّه مرسل) [1].
و هذه الرواية تدل على التفويض السادس و يحتمل ذيلها أكثر منه لكنه غير واضح.
2- ما رواه موسى بن أشيم (و هو أيضا ضعف ببكار بن بكير و في جامع الرواة بكار
بن أبي بكر و لم ينص عليه في كتب الرجال بمدح أو ذم) [2].
و هذه الرواية ظاهرة في التفويض بالمعنى السابع من معاني التفويض و لا دخل له
بتفويض التشريع و شبهه بل يظهر منها أنّ المراد من آية ما آتاكم ... أيضا ذلك
فتأمل.
3- ما رواه زرارة (و هي رواية معتبرة)
عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمد، عن الحجال عن ثعلبة، عن زرارة قال: «سمعت
أبا جعفر و أبا عبد اللّه يقولان: إنّ اللّه عزّ و جل فوّض إلى نبيّه صلّى اللّه
عليه و آله أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم؟ ثم تلا هذه الآية: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ
فَانْتَهُوا» [3].
و هذه الرواية في بدء النظر مجمل و لكن لا يبعد دلالتها على المعنى الخامس و
هو تفويض أمر الحكومة و الرئاسة العامة لقوله «فوّض إليه أمر خلقه» لظهوره في
سياسة الخلق و حفظ نظام معاشهم و معادهم و المراد من الاطاعة، الاطاعة في الأوامر
الولائية و الأحكام الجزئية الصادرة من وليّ الأمر فيظهر منه ما الولاية أيضا تشير
إلى هذا المعنى.
[1]. الاصول من الكافي، ج 1، باب
التفويض، ص 268، ح 10.