و هناك روايات كثيرة فيها «الصحاح» و «الضعاف» تدلّ على أنّ اللّه فوض الأمر
إلى نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و إلى الأوصياء من بعده، فيقع السؤال أنّه ما
المراد بهذا التفويض؟
أ ليس المراد منه التفويض في التشريع؟
و قبل الورود فيها لا بدّ من بيان معاني «التفويض» من غير تعرض لحكمها تفصيلا
إلّا بعد هذه الأخبار، كي يكون الباحث على بصيرة منها، مع حفظ الحرية في البحث،
فنقول و منه جل ثنائه التوفيق و الهداية:
التفويض له معان كثيرة (مع قطع النظر عن حكمها)،
أحدها: تفويض أمر الخلق إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله أو الأوصياء من بعده
بأن يقال: إنّ اللّه خلقهم ثم فوض أمر خلق العالم و تدبيره إليهم.
ثانيها: التفويض الجزئي في أمر الخلق بأن يقال: إنّ اللّه أقدرهم على خلق بعض
الامور من المعجزات و شبهها من دون تفويض الكل إليهم.
ثالثها: تفريض أمر التشريع إليهم على نحو كلي، بأن يكون النبي صلّى اللّه عليه
و آله و أوصيائه عليهم السّلام قادرين على جعل أي حكم، و على تغيير الأحكام التي
أنزلهما في كتابه و نسخها و تبديلها و تغييرها بما شاءوا و أرادوا.
رابعها: التشريع الجزئي بأن يقال: لم يفوض إليه صلّى اللّه عليه و آله التشريع
الكلي بل في موارد معدودة، بأن يكون النبي صلّى اللّه عليه و آله قد شرّع أحكاما
خاصة في بعض الموارد قبل ورود نص فيها، و أمضاها اللّه تعالى.
خامسها: تفويض أمر الخلق إليهم من جهة الحكومة و التدبير و السياسة و تربية
النفوس و حفظ النظام.
سادسها: تفويض أمر العطاء و المنع إليهم، في المواهب المالية ممّا يرجع إلى
بيت المال، و غيره كما ورد في قضية سليمان عليه السّلام: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ[1] و قد