إلى غير ذلك ممّا في هذا المعنى و هذه أيضا تدل بافصح بيان على أن الائمّة
المعصومين عليهم السّلام لم يشرعوا حكما من الأحكام، و كلما قالوه فهي تشريعات
إلهية عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فإذا كان حالهم كذلك فكيف بغيرهم من
الفقهاء الأعلام؟!
كما تدل هذه أيضا على عدم وجود «الفراغ» في الأحكام الإسلامية، و ما مجال فيها
إلّا كشفها عن منابعها أو الرجوع فيها إلى الاصول المقررة للشاك، التي طفحت بها الكتب
الاصولية و لا تزال مرجعا للعلماء و الفقهاء.
4- و قد عثرنا أيضا على طائفة رابعة تدل على أنّ جميع الأحكام الشرعية كانت
مكتوبة في كتاب علي عليه السّلام حتى ارش الخدش.
و عبر عنه تارة بالجامعة، و اخرى بالجفر، و ثالثة بمصحف فاطمة، و رابعة بكتاب
علي عليه السّلام و النتيجة واحدة، و ظاهر الجميع أنّه كان هناك كتاب جامع للأحكام
الإسلامية محفوظ عندهم و إليك شطر منها:
الأوّل: ما رواه في البصائر عن عبد اللّه بن ميمون عن جعفر عن أبيه عليه
السّلام قال: «في كتاب علي عليه السّلام: كل شيء يحتاج إليه حتى الخدش و الأرش و
الهرش» [1].
الثاني: ما رواه عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سمعته يقول،
و ذكر ابن شبرمة في فتياه، فقال اين هو من الجامعة، أملى رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و آله و خط علي عليه السّلام بيده فيها جميع- الحلال و الحرام حتى أرش الخدش
فيه» [2].
الثالث: ما رواه عن جعفر بن بشر عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:
«ما ترك علي عليه السّلام شيئا إلّا كتبه، حتى أرش الخدش» [3].
الرابع: ما رواه في الكافي عن الصير في قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام
يقول: «إن عندنا ما لا نحتاج معه إلى الناس، و إن الناس ليحتاجون إلينا، و إن
عندنا كتابا املاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
[1]. جامع أحاديث الشيعة، ج 1، الباب
4 من أبواب المقدمات، ح 23.