responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أنوار الأصول نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 2  صفحه : 454

وإن شئت فاختبر نفسك فيما إذا كنت عابر سبيل ومسافراً لمقصد بعيد فنفد زادك وضللت عن الطريق مضطرباً حيران فإذا رجلان قد مرّا بك ولكن أحدهما استمر في سيرةه ولم يَعتَنِ بك مع قدرته على نجاتك من هذه المهلكة بما عنده من الزاد والمركب، وتوقّف الآخر وآثر بنفسه بقدر استطاعته وأنجاك من المهلكة ودلّك على الطريق وأوصلك إلى مقصدك، فهل هما حينئذٍ عندك سيّان؟ أفلا يحكم وجدانك بقبح عمل الأوّل وحسن فعل الثاني؟ وهكذا في رجلين أحدهما أنقذ غريقاً من البحر والآخر ألقى رضيعاً في البحر، فهل تجد في نفسك إنّهما يستويان من حيث القدر والقيمة؟ كلّا، بل يحكم وجدانك بحسن عمل الأوّل وقبح عمل الثاني بلا ريب، ولا ترتاب ولو للحظة واحدة في هذا الحكم.

الثاني: أنّ إنكار الحسن والقبح يستلزم إنكار الشريعة وعدم إمكان إثباتها لأنّه متوقّف على إظهار المعجزة على يد النبي الصادق صلى الله عليه و آله وهو لا يدلّ على صحّة النبوّة إلّاإذا قلنا بقبح إظهارها على يد الكاذب، وكذلك يستلزم عدم إمكان قبول الوعد والوعيد الواردين في كتاب اللَّه لأنّه يتوقّف على قبح الكذب وعدم الوفاء بالوعد.

الثالث: إنّه يستلزم عدم وجوب النظر في معجزة المدّعى مع أنّه لا إشكال في وجوبه اتّفاقاً بحكم العقل لاحتمال كونه صادقاً، وهو يوجب احتمال وجود الضرر الاخروي الذي يقبح قبوله، ولذلك يوجب حكم العقل بالاحتياط ووجوب النظر وهكذا يستلزم عدم وجوب التحقيق في أصل التوحيد لأنّه متوقّف على قبح عدم دفع الضرر المحتمل وحسن شكر المنعم.

الرابع: أنّه يستلزم عدم إمكان إثبات وجوب الطاعة بعد ثبوت أصل وجود الباري تعالى وثبوت نبيّه والذي جاء به من الاصول والفروع لأنّه متفرّع على ثبوت حسن لها في الرتبة السابقة فيحكم العقل بوجوبها، وأمّا إثباته بالشرع وبقوله تعالى: «أطيعوا» يوجب التسلسل المحال كما مرّ غير مرّة لأنّ وجوب الإطاعة عن نفس هذا الأمر (أطيعوا) أيضاً يحتاج إلى أمر آخر بالإطاعة إلى أن يتسلسل.

الخامس: ما يدلّ من الآيات على حسن بعض الأفعال وقبح بعض آخر قبل ورود الشرع من قبيل قوله تعالى: «الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِىَّ الْأُمِّىَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ‌

نام کتاب : أنوار الأصول نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 2  صفحه : 454
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست