responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أنوار الأصول نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 2  صفحه : 453

المقام الأوّل: هل للأشياء حسن وقبح ذاتاً؟

فلا بدّ فيه أوّلًا من تعريف الحسن والقبح إجمالًا، فنقول: المراد من حسن الفعل وقبحه ما يستحقّ المدح أو الذمّ على إتيانه، فالنزاع عنهما مقصور في عالم الأفعال ولا يشمل عالم التكوين، فإنّه لا إشكال في أنّ هناك أشياء حسنة كحسن جمال يوسف وحسن صوت العندليب وحسن كواكب السماء وغيرها، كما أنّ هناك أشياء قبيحة من قبيل قبح صوت الحمير وغيره، فالبحث في المقام مرتبط بحسن الأفعال وقبحها لا حسن الأشياء التكوينيّة وقبحها.

نعم، لا إشكال في أنّ حسن الفعل أو قبحه ناشٍ من شي‌ء تكويني حسن أو شي‌ء تكويني قبيح لا محالة، فالاحسان حسن لأنّه موجب لكمال الفرد والمجتمع خارجاً، والظلم قبيح لأنّه موجب لنقصانهما كذلك، وهذا هو الذي يعبّر عنه في أيّامنا هذه بأنّ لزوم الأفعال ولزوم تركها يرتبطان بالوجودات والاعدام الخارجيّة التكوينيّة، وينشآن منهما (ويعبّر عنه أيضاً بإرتباط معرفة الكون والايدئولوجي) فقتل النفس قبيح لأنّه يوجب حرمان إنسان من الوجود، وإشباع العطشان بالماء حسن لإيجابه إحياء النفس، والأوّل نقص والثاني كمال في عالم التكوين.

نعم، قد يختلف الكمال والنقص بحسب الآراء والأنظار، فالإنسان الإلهي يرى الكمال في القرب إلى اللَّه تعالى والنقص في البعد عنه حينما يريهما الإنسان المادّي في رفاه العيش وعدمه، وهناك امور مشتركة بين جميع المذاهب البشريّة مثل حسن العدل والإحسان وقبح الظلم والعدوان.

إذا عرفت‌ ما ذكرنا من معنى الحسن والقبح نقول: لا إشكال في حسن الأفعال وقبحها ذاتاً ويدلّ عليه امور:

الأوّل: الوجدان، فإنّ وجدان كلّ إنسان يحكم بأنّ هناك أفعالًا حسنة ذاتاً وأفعالًا اخرى قبيحة كذلك، والمنكر ينكره باللسان وقلبه مطمئن بالإيمان، نظير ما يقال في باب الجبر والاختيار في علم الكلام في قبال الجبريّة، وفي باب أصل وجود أشياء في عالم الخارج في الفلسفة من أنّ الوجدان أصدق شاهد على اختيار الإنسان ووجود الواقع الخارجي، وبالجملة إنّا ندرك حسن العدل والإحسان وقبح الظلم والعدوان ولو لم تكن هناك شريعة.

نام کتاب : أنوار الأصول نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 2  صفحه : 453
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست