و مثله ما
أورده سائر المفسّرين عن ابن عبّاس و غيره أنّ أهل الجاهلية كانوا يعقدون مجالسا
بعد الحجّ للتّفاخر بآبائهم و ذكر مفاخرهم أو أنّهم يجتمعون في الأسواق كسوق
(عكاظ، ذي المجاز، مجنّة) لم تكن هذه الأسواق مراكزا تجاريّة فحسب، بل أماكن لتلك
المجالس الباطلة التي يجتمع فيها النّاس و يذكرون مفاخر أسلافهم
[1].
التّفسير
الحجّ رمز
وحدة المسلمين:
هذه الآيات
تواصل الأبحاث المتعلّقة بالحجّ في الآيات السابقة، فالبرغم من أنّ أعراب الجاهلية
ورثوا مناسك الحجّ بوسائط عديدة من إبراهيم الخليل عليه السّلام و لكنّهم خلطوا
هذه العبادة العظيمة و البناءة و الّتي تعتبر ولادة ثانية لحجّاج بيت اللّه الحرام
بالخرافات الكثيرة بحيث إنها خرجت من شكلها الأصلي و نسخت و تحوّلت إلى وسيلة
للتفرقة و النّفاق.
الآية الأولى
من الآيات محل البحث تقول فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ
فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً.
إنّ العزّة و
العظمة يكملان بالارتباط في اللّه تعالى لا بالارتباط الوهمي بالأسلاف، و ليس
المراد من هذه العبارة أنّكم اذكروا أسلافكم و اذكروا اللّه كذلك، بل هو إشارة إلى
هذه الحقيقة بأنّكم تذكرون أسلافكم من أجل بعض الخصال و المواهب الحميدة، فلما ذا
لا تذكرون اللّه تعالى ربّ السموات و الأرض و الرازق و الواهب لجميع هذه النعم في
العالم و هو منبع و مصدر جميع الكمالات
[1]- روح المعاني، ج 2، ص 89- و القرطبي، ج 2، ص
803- التفسير الكبير، ج 5، ص 183- تفسير في ظلال القرآن، ج 1، ص 289- تفسير
البرهان، ج 1، ص 203.