المنحرفون و الشواذ من الناس يسعون لاستخدام إبهام هذه الآيات لتفسيرها بحسب
أهوائهم و بخلاف الحقّ، لكي يثيروا الفتنة بين الناس و يضلّوهم عن الطريق
المستقيم. بيد أنّ اللّه و الراسخين في العلم يعرفون أسرار هذه الآيات و يشرحونها
للناس، فهم بعلمهم الواسع يفهمون المتشابهات كما يفهمون المحكمات، و لذلك فإنّهم
يسلّمون بها قائلين إنّها جميعا من عند اللّه: يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا.
و على هذا يكون الرسوخ في العلم سببا في أن يزداد الإنسان معرفة بأسرار
القرآن. و لا شكّ أنّ الذين رسخوا في العلم أكثر من غيرهم- كالنبيّ صلى اللّه عليه
و آله و سلّم و أئمّة الهدى- يعلمون جميع أسرار القرآن، بينما الآخرون يعلمون منها
كلّ بقدر سعة علمه. و هذه الحقيقة هي التي تدفع الناس، و حتّى العلماء منهم، للبحث
عن المعلّمين الإلهيّين ليتعلّموا منهم أسرار القرآن.
7- وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا
الْأَلْبابِ.
تشير هذه الجملة في ختام الآية إلى أنّ هذه الحقائق يعرفها المفكّرون وحدهم،
فهم الذين يدركون لماذا ينبغي أن يكون في القرآن «محكمات» و «متشابهات»، و هم
الذين يعلمون أنّه يجب وضع المتشابهات إلى جانب المحكمات لكشفها. لذلك فقد نقل
عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السّلام أنه قال: «من ردّ متشابه القرآن إلى محكمه هدي إلى صراط مستقيم». [1]