سورة النحل: وَ لَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ
الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ.
و قد جاء هذا المعنى في الآيات، 55- آل عمران، 48- المائدة، 164- الأنعام، 69-
الحج، و غيرها [1].
و تضيف الآية في النهاية: فَاتَّقُوا
اللَّهَ وَ أَطِيعُونِ.
بعد ذلك، و من أجل أن ترفع كل نوع من الإبهام في مسألة عبوديته، تقول الآية:
إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ.
الملفت للانتباه تكرار كلمة «الرب» مرّتين في هذه الآية، مرّة في حقّه، و أخرى
في حق الناس، ليوضح للناس أنّي و إيّاكم متساوون، و ربّي و ربّكم واحد. و أنا
مثلكم محتاج في كل وجودي إلى الخالق المدبر، فهو مالكي و دليلي.
و للتأكيد أكثر يضيف:
فَاعْبُدُوهُ إذ لا يستحق العبادة غيره، و لا تليق إلّا به،
فهو الرب و الكل مربوبون، و هو المالك و الكل مملوكون.
ثمّ يؤكّد كلامه بجملة أخرى حتى لا تبقى لمتذرع ذريعة، فيقول: هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ[2].
نعم، إنّ الصراط المستقيم هو طريق العبودية للَّه سبحانه ... ذلك الطريق الذي
لا انحراف فيه و لا اعوجاج، كما جاء في الآية (61) من سورة يس: وَ أَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ.
لكن العجب أن يختلف أقوام من بعده مع كل هذه التأكيدات: (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ)[3]:
[1]- قال بعض آخر من المفسّرين: إنّ
(بعض) هنا بمعنى الكل، أو أن التعبير ب
(بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) إضافة موصوف
إلى الصفة، أو أن هذا التعبير إشارة إلى أنّي أبيّن لكم أمور الدين و حسب، لا
اختلافاتكم في أمر الدنيا. إلّا أن أيّا من هذه التفاسير لا يستحق الاهتمام.
[2]- ورد نظير هذه الآية بتفاوت يسير
في سورة مريم- 36، و سورة الأنعام- 51، و تكرار هذا المعنى تأكيد على أن عيسى عليه
السّلام قد أتمّ الحجة على جميع هؤلاء في مورد عبوديته و كونه عبد اللَّه سبحانه.
[3]- الضمير في (بينهم) يعود إلى
الذين خاطبهم المسيح عليه السّلام في الآية السابقة، و دعاهم إلى عبودية اللَّه
سبحانه.