responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 16  صفحه : 13

هذه المعاني.

و في الآية التّالية يخاطب المنكرين للقرآن و المعرضين عنه، فيقول:

أَ فَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ‌؟

صحيح أنّكم لم تألوا جهدا في مخالفتكم للحق و عدائه، و وصلتم في المخالفة إلى حدّ الإفراط و الإسراف، إلّا أنّ رحمة اللَّه سبحانه واسعة بحدّ لا تشكل هذه الأعمال المناوئة حاجزا في طريقها، و نظر ننزل باستمرار هذا الكتاب السماوي الذي يوقظكم، و آياته التي تبعث الحياة فيكم، حتّى تهتزّ القلوب التي لها أدنى حظ من الاستعداد و تثوب إلى طريق الحقّ، و هذا هو مقام رحمة اللَّه العامّة، أي:

رحمانيته التي تشمل العدوّ، و الصديق، و المؤمن و الكافر.

جملة أَ فَنَضْرِبُ عَنْكُمُ‌ جاءت هنا بمعنى: أ فنصرب عنكم، لأنّ الراكب إذا أراد أن يحوّل دابّته إلى طريق آخر، فإنّه يحوّله بضربه بالسوط أو بشي‌ء آخر، و لذلك فإنّ كلمة الضرب تستعمل في مثل هذه الموارد بدلا من الصرف‌ [1].

«الصفح» في الأصل بمعنى جانب الشي‌ء و طرفه، و يأتي أيضا بمعنى العرض و السعة، و هو في الآية بالمعنى الأوّل، أي: أ نحول عنكم هذا القرآن الذي هو أساس التذكرة إلى جانب و طرف آخر؟

«المسرف» من الإسراف، و هو تجاوز الحدّ، إشارة إلى أنّ المشركين و أعداء النبي صلى اللَّه عليه و آله و سلّم لم يقفوا عند حدّ في خلافهم و عدائهم مطلقا.

ثمّ يقول في عبارة قصيرة كشاهد على ما قيل، و تسلية لخاطر النبي صلى اللَّه عليه و آله و سلّم و تهديدا للمنكرين المعاندين: وَ كَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ* وَ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ‌.

إنّ هذه المخالفات و أنواع السخرية لم تكن لتمنع لطف اللَّه و رحمته أبدا، فإنّها فيض متواصل من الأزل إلى الأبد، و وجود يعمّ عطاؤه كلّ العباد، بل إنّه سبحانه قد


[1]- مجمع البيان، ذيل الآية مورد البحث.

نام کتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 16  صفحه : 13
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست