يا من يجيب دعا المضطر في الظلم* يا كاشف الكرب و البلوى مع السقم قد نام وفدك
حول البيت و انتبهوا* و عين جودك يا قيّوم لم تنم إن كان جودك لا يرجوه ذو سرف*
فمن يجود على العاصين بالنعم هب لي بجودك فضل العفو عن سرف* يا من أشار إليه الخلق
في الحرم ثمّ رفع رأسه إلى السّماء و ناجى:
إلهي سيّدي و مولاي! إن أطعتك بعلمي و معرفتي فلك الحمد و المنّة عليّ، و إن
عصيتك بجهلي فلك الحجّة عليّ.
و رفع رأسه ثانية إلى السّماء مناجيا بأعلى صوته: يا إلهي و سيّدي و مولاي، ما
طابت الدنيا إلّا بذكرك، و ما طابت العقبى إلّا بعفوك، و ما طابت الأيّام إلّا
بطاعتك، و ما طابت القلوب إلّا بمحبّتك، و ما طاب النعيم إلّا بمغفرتك.
يضيف الأصمعي أنّ هذا الشاب واصل مناجاة ربّه حتّى أغمي عليه، فدنوت منه و
تأمّلت في محيّاه فإذا هو علي بن الحسين زين العابدين، فأخذت رأسه في حجري و بكيت
له كثيرا، فأعادته إلى وعيه قطرات دمع سكبت على وجنتيه، فتح عينيه و قال: من الذي
شغلني عن ذكر مولاي؟ قلت: إنّك من بيت النبوّة و معدن الرسالة. ألم تنزل فيكم آية
التطهير؟ ألم يقل اللّه فيكم: إِنَّما
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ
تَطْهِيراً.
نهض الإمام السجّاد و قال: يا أصمعي! هيهات هيهات! خلق اللّه الجنّة لمن أطاع
و أحسن و لو كان عبدا حبشيّا، و خلق النّار لمن عصاه و لو كان سيّدا قرشيا.