المفاهيم التي تسود حياة الإنسان المادّية في هذا العالم، ستتغيّر في عالم
الآخرة، و منها العلاقات الودّية، و الأواصر الأسريّة التي تحلّ مشاكل كثيرة في
هذه الحياة، و أحيانا تشكّل النظام الذي يسيطر على سائر العلاقات الاجتماعية.
و إذا كان الانتساب للقبائل و الأسر في الدنيا لا يعارض الإيمان باللّه تعالى
و العمل الصالح، فإنّه ينتفي يوم القيامة، فلا انتساب لشخص أو طائفة أو قبيلة. و
إذا كان الناس هاهنا يساعد أحدهم الآخر، و يحلّ له مشاكله و ينتصر له و يفخر به،
فإنّهم ليسوا كذلك يوم القيامة، فلا خبر عن الأموال الكثيرة، و لا عن الأولاد يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى
اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ[1].
حتّى من ينتسبون إلى النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم خاضعون لهذا الحكم، و
لهذا نلاحظ أنّ الرّسول صلى اللّه عليه و آله و سلّم و الأئمّة الأطهار طردوا عنهم
من كان من المقرّبين في النسب الهاشمي، إمّا لعدم إيمانه، أو لانحرافه عن الإسلام
الأصيل، و أظهروا تنفّرهم و براءتهم منه. رغم أنّه
روي عن الرّسول صلى اللّه عليه و آله و سلّم قوله: «كل حسب [2] و نسب
منقطع يوم القيامة إلّا حسبي و نسبي» [3].
يقول العلّامة الطباطبائي (رضوان اللّه عليه) في الميزان: إنّ هذا الحديث هو
نفسه الذي رواه بعض محدّثي أهل السنّة في كتبهم، مرّة عن عبد اللّه بن عمر، و أخرى
عن عمر بن الخطاب، و أحيانا عن صحابة آخرين للرسول صلى اللّه عليه و آله و سلّم.
في الوقت الذي نرى أنّ الآية- موضع البحث- ذات طابع عامّ، فهي تتحدّث