و يمكن أن يكون الأنبياء و الأئمّة و عباد اللّه المخلصون قدوة في مجال معيّن
أو أكثر على وفق الظروف التي مرّوا بها، فاشتهروا ببعض الصفات دون أخرى، فواحدهم
ميزان بما اشتهر به من حسنات و خصال حميدة.
وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ و هم الذين فقدوا الإيمان و العمل الصالح، فوزنهم خفيف يوم القيامة، لأنّهم
خسروا رأسمال وجودهم: فَأُولئِكَ الَّذِينَ
خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ عبارة خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ تصريح بحقيقة خسران المذنبين لأكبر رأسمال لهم- أي وجودهم-
في سوق تجارة الدنيا دون أن يحصلوا على مقابل.
و تشرح الآيات التالية عذابهم الأليم
تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ ألسنة النّار و
لهيبها المحرق تضرب وجوههم كضرب السيف وَ
هُمْ فِيها كالِحُونَ و هم من شدّة الألم و عذاب
النّار، في عبوس و اكفهرار.
و كلمة «تلفح» مشتقّة من «لفح» على وزن «فتح» و تعني في الأصل ضربة السيف، و
قد وردت هنا كناية، لأنّ لهيب النّار، أو نور الشمس المحرقة، و ريح السموم، تضرب
وجه الإنسان كضرب السيف.
و أمّا كلمة «كالح» فإنّها مشتقّة من «كلوح» على وزن «فعول» بمعنى التعبيس و
اكفهرار الوجه. و قد فسّره عدد كبير من المفسّرين بتقلّص في جلد الوجه بحيث يبقى
الثغر مفتوحا لا يمكن إغلاقه [1].
[1]- تفسير القرطبي، و تفسير الفخر
الرازي، و تفسير مجمع البيان، و تفسير الميزان، الآيات موضع البحث.