و ما يجب الانتباه إليه في موضع البرزخ هو أنّ الآيات- باستثناء الآية التي
نحن بصددها و التي ذكرته بشكل عامّ- استعرضت البرزخ بشكل خاصّ، كما في ذكره عن
الشهداء أو آل فرعون.
إلّا أنّ الواضح أنّه لا خصوصيّة لآل فرعون لأنّ في العالم الكثير من أمثالهم،
و لا للشهداء، لأنّ القرآن الكريم اعتبر النّبيّين و الصدّيقين و الصالحين مع
الشهداء، كما جاء في الآية (69) من سورة النساء فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ.
و لنا حديث عن كون البرزخ لعامّة الناس أو لفئة منهم، سنورده في ختام هذا
البحث إن شاء اللّه.
أمّا الرّوايات: فهناك أحاديث كثيرة في كتب الفريقين الشيعة و السنّة تتحدّث
بعبارات مختلفة عن عالم البرزخ، و عالم القبر، و عالم الأرواح. أي تتحدّث عن
العالم الذي يفصل بين الدنيا و الآخرة، و منها:
1-
جاء في حديث معروف ذكر في الكلمات القصار في نهج البلاغة أنّ عليّا عليه السّلام حينما وصل إلى جبانة الكوفة عند عودته من حرب صفين،
توجّه إلى القبور و نادى الأموات قائلا: «يا أهل الديار الموحشة و المحال المقفرة
و القبور المظلمة! يا أهل التربة! يا أهل القربة! يا أهل الوحدة! يا أهل الوحشة!
أنتم لنا فرط سابق و نحن لكم تبع لا حق! أمّا الدور فقد سكنت، و أمّا الأزواج فقد
نكحت، و أمّا الأموال فقد قسّمت، هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم»؟
ثمّ التفت إلى أصحابه فقال: «أما لو اذن لهم في الكلام لأخبروكم أنّ خير الزاد
التقوى» [1].