و يبدو أنّ التّفسير الثّاني أقرب إلى الصواب، و كلمة «لعليّ» الواردة في جملة لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً يمكن أن تكون علامة على عدم اطمئنان هؤلاء المنحرفين من مستقبلهم، و أنّ
الندامة نتيجة لظروف خاصّة، تظهر حين موتهم، و لو عادوا إلى الدنيا لواصلوا
أعمالهم ذاتها. و هذا هو عين الحقيقة.
3- ما الذي تنفيه «كلّا»؟
تأتي «كلّا» في العربية بمعنى الحيلولة، و إبطال أثر أقوال المخاطب. و تقابل
بالضبط كلمة «أي» التي تستخدم لتصديق الكلام.
و في الجواب عن السؤال الوارد آنفا، قال البعض: إنّ «كلّا» تنفي طلب الكفّار
الرجوع إلى الحياة الدنيا، أي إنّ طريق العودة، مغلق، و لا يمكنكم العودة أبدا.
و قال البعض الآخر: إنّ هذه الكلمة جاءت لنفي ادّعاءاتهم القائلة: لو عدنا إلى
الدنيا لعوّضنا ما فاتنا من أعمال صالحة، فيقال لهم: ما هذا إلّا ادّعاء باطل، و
لو عدتم لواصلتم العمل بنفس نهجكم السابق.
و لا ضير في أن تكون هذه الكلمة- في الوقت ذاته- إشارة إلى نفي إثنين من
المعاني. كما يجب ملاحظة أنّ هذا الطلب- رغم وروده في الآية محل البحث من قبل
المشركين فقط- ليس خاصّا بهم، بل هو طلب جميع المذنبين و الظالمين و المنحرفين، إذ
يندمون على ما فاتهم لحظة موتهم، حين يرون مصيرهم الأليم ماثلا لأعينهم، فيرجون
اللّه ليعيدهم إلى الحياة الدنيا، إلّا أنّ اللّه يزجرهم بقوله:
«كلّا».
4- ما هو عالم البرزخ؟
و أين هو؟
و ما هو الدليل لإثبات وجود هذا العالم بين الدنيا و الآخرة؟