و قال عدد آخر من المفسّرين: إنّ المخاطب هم الملائكة المكلّفون بقبض الأرواح.
و كلمة «ربّ» نوع من الاستعانة باللّه، و هذا مألوف في حياتنا اليوميّة حيث يستغيث
المرء باللّه في الشدائد، ثمّ يستنجد الناس و يصرخ: «يا ربّ! يا ربّ! انقذوني،
عجّلوا بمساعدتي» و يبدو هذا التّفسير أقرب إلى الصواب.
2- تفسير عبارة فِيما تَرَكْتُ
قرأنا في الآيات السابقة أنّ الكفّار يستنجدون باللّه ليرجعهم إلى الدنيا
ليعملوا صالحا فيما تركوا من الأعمال.
و يرى البعض في قوله تعالى: فِيما
تَرَكْتُ إشارة إلى أموال تركوها، لاستعمال تعبير «تركة
الميت» بصورة اعتيادية.
و
روي حديث عن الإمام الصادق عليه السّلام يؤكّد هذا المعنى إذ يقول: «من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن و لا مسلم، و هو قوله
تعالى: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ
صالِحاً فِيما تَرَكْتُ[2].
بينما يرى آخرون أنّ لها معنى أوسع، هو إشارة إلى جميع الأعمال الصالحة التي
تركها الإنسان. فيكون المعنى: رباه! أرجعني لاعوّض ما تركته من عمل صالح.
و لا يناقض الحديث السابق مع هذا التّفسير الشامل و هو مصداق واضح له، علما
بأنّ هؤلاء الأشخاص يندمون على ما فاتهم من فرص، لهذا يرغبون في الرجوع إلى الحياة
ليستفيدوا منها في العمل الصالح.
[1]- يرى بعض المفسّرين في الآية
التاسعة من سورة القصص في عبارة زوجة فرعون قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَ لَكَ لا تَقْتُلُوهُ التي نطقت بها حين أخرج موسى من الماء نموذجا لهذا
التعبير، حيث في البداية كان المخاطب فرعون و آخر العبارة خاطبت حاشية فرعون و
جنوده الذين كلّفوا بقتل أبناء بني إسرائيل.
[2]- الكافي، و ثواب الأعمال، و من لا
يحضره الفقيه (حسبما نقله تفسير نور الثقلين، المجلّد الثّالث، ص 552).