المستقيم أقصر الطرق بين نقطتين، و هو طريق واحد، و الطريق الملتوية على يساره
و يمينه غير متناهية.
و رغم أنّ الرّوايات الإسلامية تفسّر الصراط المستقيم بولاية علي عليه
السّلام [1] إلّا
أنّها تكشف- كما قلنا مرارا- عن المصداق الأكمل لذلك، و لا تتنافى مع المصاديق
الاخرى كالقرآن و الإيمان بالمبدأ و المعاد و التقوى و الجهاد و العدل.
و تستعرض الآية التالية النتيجة الطبيعيّة لهذا الموضوع، فتقول: وَ إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ
الصِّراطِ لَناكِبُونَ.
كلمة «ناكب» مشتقّة من «النكب» و «النكوب» أي الانحراف عن الطريق. و «نكبت الدنيا»
تقع في مقابل إقبال الدنيا، و تعني إدبار الدنيا و إعراضها عن المرء.
و من الواضح أنّ الصراط يقصد به هنا ما في الآية السابقة، و بديهي أنّ الذي
ينحرف عنه في الآخرة فمكانه النّار و بئس المصير، لأنّ المرء يثاب في الآخرة على
أعماله في هذه الدنيا.
و عدم إيمان المرء بالآخرة مرتبط بانحرافه عن طريق الحقّ الناجم عن عدم شعوره
بالمسؤولية،
فقد روي عن أمير المؤمنين علي عليه السّلام: «إنّ اللّه جعلنا أبوابه و صراطه و سبيله و الوجه الذي يؤتى منه، فمن عدل عن
ولايتنا أو فضل علينا غيرنا فإنّهم عن الصراط لناكبون» [2].
بحوث
1- التمسّك بالحقّ أو بالأهواء النفسيّة
أشارت الآيات السابقة- بشكل عابر- إلى التناقض بين التمسّك بالحقّ و بين
الأهواء النفسيّة، و هي إشارة ذات مدلول كبير، حيث تقول: