جذورها و أوراقها و فاكهتها. كما يستخدم الكثير منها كعلف لحيواناته، و من
أخشابها مادّة للوقود.
و يعطي الفخر الرازي في تفسيره احتمال قصد الآية مِنْها تَأْكُلُونَ أنّ حياتكم و معيشتكم تعتمد على هذه البساتين، مثلما أنّ فلانا يعتاش على
العمل الفلاني، أي إنّ حياته تعتمد على ذلك العمل [1].
و ممّا يلفت النظر من الآيات أعلاه أنّ منشأ حياة الإنسان في ماء النطفة، و
منشأ حياة النبات من ماء المطر، و في الحقيقة ينبع هذان النموذجان للحياة من
الماء. أجل إنّ حكم اللّه و قانونه واحد في كلّ شيء.
ثمّ تشير الآية التالية إلى شجرة مباركة أخرى نمت من ماء المطر، إضافة إلى
بساتين النخيل و الكروم و الأشجار و الفاكهة الاخرى وَ شَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ
بِالدُّهْنِ وَ صِبْغٍ لِلْآكِلِينَ[2].
ماذا يقصد ب طُورِ سَيْناءَ؟
ذكر المفسّرون لهذه الكلمة احتمالين: الأوّل: أنّها إشارة إلى جبل الطور
المعروف في صحراء سيناء. و إذا وصف القرآن المجيد شجرة الزيتون باعتبارها الشجرة
التي تنمو في جبل الطور، لأنّ عرب الحجاز كانوا يمرّون بهذه الأشجار المباركة عند
ما كانوا يتوجّهون إلى الشمال، حيث تقع منطقة الطور في جنوب صحراء سيناء كما يدلّ
على ذلك موقعها الجغرافي بوضوح.
و الاحتمال الثّاني: طور سيناء ذات جانب و صفي يعني الجبل ذي الخيرات، أو
الجبل ذي الأشجار الكثيرة، أو الجبل الجميل (لأنّ «الطور» يعني الجبل، و «سيناء»
تعني ذات البركة و الجمال و الشجر).
و كلمة «صبغ» تعني في الأصل اللون، و بما أنّ الإنسان يلوّن خبزه مع المرق،
[1]- إنّ «من» في التّفسير الأوّل
«تبعيضيّة»، و في التّفسير الثّاني «نشوية».