ميدان القتال بكلّ قوّة، و لهذا نطالع في الآيات السالفة: لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ. فلا يدفع اللّه الظالمين بإمداداته الغيبيّة و بقدرة
الصواعق و الزلازل التي يبعثها إلّا في حالات استثنائية، إنّما يدفع شرّهم عن
المؤمنين بمن يدافع عنهم، أي المؤمنين الحقيقيين.
و عليه فلا يعني الوعد الإلهي بالنصر رفع المسؤولية و التكاسل و التواكل
بالاعتماد على ما وعد اللّه للمؤمنين، بل يجب التحرّك الواسع لضمان النصر الإلهي و
تهيئة مستلزماته.
و الجدير بالذكر أنّ هذه المجموعة من المؤمنين لا يتوجّهون إلى اللّه قبل
النصر فقط، بل بعد النصر أيضا، فهم الَّذِينَ
إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ ... يوطّدون علاقتهم مع اللّه. و النصر لديهم وسيلة لنشر الحقّ و العدل و مكارم
الأخلاق.
و خصّصت بعض الرّوايات الآية السابقة بالمهدي (عجّل اللّه فرجه) و أصحابه أو
بآل محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلّم بشكل عامّ،
فقد جاء في حديث عن الإمام الباقر عليه السّلام حين تفسير الآية الَّذِينَ إِنْ
مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ... قال: إنّ هذه
الآية الَّذِينَ إِنْ ...
نزلت في آل محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلّم و المهدي (عج) و أصحابه
«يملّكهم اللّه مشارق الأرض و مغاربها، و يظهر الدين و يميت اللّه به و بأصحابه
البدع و الباطل، كما أمات الشقاة الحقّ، حتّى لا يرى أين الظلم، و يأمرون بالمعروف
و ينهون عن المنكر» [1].
و قد وردت أحاديث أخرى في هذا المجال، و هي عبارة عن مصاديق بارزة للآية و لا
تمنع عموم الآية، لا يمكنها منع، فمفهوم الآية الواسع يشمل جميع المؤمنين و
المجاهدين في سبيل اللّه.
[1]- تفسير علي بن إبراهيم (حسبما
نقله تفسير نور الثقلين، المجلّد الثّالث، ص 506).